التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١١٦
كأنه يعتصم الملك به، ومنه قوله " واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي " (3) وقال " وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا " (4). وقوله " الا ساء ما يزرون " يعني بئس الشئ شيئا يزرونه أي يحملونه، وقد بينا عمل (بئس، ونعم) فيما مضى. ومثله " ساء مثلا القوم " (5) ومعناه ساء مثلا مثل القوم. وقال بعضهم: معنى " يحملون أوزارهم على ظهورهم " وصف افتضاحهم في الموقف بما يشاهدونه من حالهم وعجزهم عن عبور الصراط كما يعبره المخفون من المؤمنين. ومعنى قوله " ألا ساء " ما ينالهم جزاء لذنوبهم واعمالهم الردية إذ كان ذلك عذابا ونكالا.
وقوله " يزرون " من وزر يزر وزرا إذا أثم. وقيل أيضا، وزر، فهو موزور إذا فعل به ذلك. ومنه الحديث في النساء يتبعن جنازة قتيل لهن (أرجعن موزورات غير مأجورات) والعامة تقول مازورات.
قوله تعالى:
وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون (32) آية بلا خلاف.
قرأ ابن عامر " ولدار الآخرة " بلام واحدة مع تخفيف الدال. وخفض (الآخرة) على الإضافة. الباقون بلامين وتشديد الدال وضم الآخرة. وقرأ أهل المدينة وابن عامر وحفص ويعقوب " تعقلون " بالتاء هاهنا وفي (الأعراف ويوسف) وافقهم يحيى والعليمي في (يوسف). ومن قرأ بلامين وشدد الدال جعل (الآخرة) صفة ل‍ (وللدار)، وأجراها في الاعراب مجراها. واستدل على كونها صفة (للدار) بقوله: " وللآخرة خير لك من الأولى " (6) فاقامتها مقامها يدل على أنها هي وليس غيرها. فيجوز أن يضيف إليها، وقووا ذلك

(3) سورة 20 طه آية 29 - 30 (4) سورة 25 الفرقان آية 35 (5) سورة 7 الأعراف آية 176 (6) سورة 93 الضحى آية 4.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست