التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٢٣
لجمعهم على؟؟ فلا تكونن من الجاهلين (35) آية بلا خلاف خاطب الله تعالى بهذه الآية نبيه صلى الله عليه وآله فقال له " إن كان كبر عليك " وعظم عندك " اعراضهم " أي اعراض هؤلاء الكفار عما أتيتهم به من القرآن والمعجزات وامتناعهم من اتباعك والتصديق لك وكنت حزينا لذلك " فان استطعت " وقدرت أو تهيأ لك ان تبتغي نفقا ان تتخذ في جوف الأرض مسكنا وهو النفق " في الأرض " إذا كان له منفذ " أو سلما في السماء " أو ان تصعد إلى السماء بسلم " فتأتيهم بآية " يعني بآية تلجئهم إلى الايمان وتجمعهم عليه وعلى ترك الكفر فافعل ذلك. وحذف فافعل لدلالة الكلام عليه، كما تقول: ان رأيت أن تقوم ومعناه فقم، وان أراد غير ذلك لم يجز ان يسكت الا بعد ان يأتي بالجواب، لأنه ان أراد ان أردت ان تقوم تصب خيرا فلابد من الجواب، ولم يرد بذلك آية يؤمنون عندها مختارين، لأنه تعالى فعل بهم الآيات التي تزاح علتهم بها ويتمكنون معها من فعل الايمان لأنه لو علم تعالى أنه إذا فعل بهم آية من الآيات يؤمنون عندها مختارين وجب ان يفعلها بهم. وبين انه فعل بهم جميع ما لا ينافي التكليف وهم لا يؤمنون كما قال " ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة " (1) الآية، وكما قال " ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما اتبعوا قبلتك " (2) وإنما لم يفعل ما يلجئهم إلى الايمان، لان ذلك ينافي التكليف ويسقط استحقاق الثواب الذي هو الغرض بالتكليف، وإنما أراد الله تعالى ان يبين لنبيه صلى الله عليه وآله انه لا يستطيع هذا ولا يقدر عليه، فلا ينبغي ان يلزم نفسه الغم والجزع لكفرهم واعراضهم عن الايمان والتصديق به، وجعل ذلك عزاء لنبيه صلى الله عليه وآله وتسلية له ثم اخبر انه لو شاء ان يجمعهم على الايمان على وجه الالجاء لكان على ذلك قادرا لكنه ينافي ذلك الغرض بالتكليف، وجرى ذلك مجرى قوله " ان

(1) سورة 6 الانعام آية 111 (2) سورة 2 البقرة آية 145.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست