تفسير أبي حمزة الثمالي - أبو حمزة الثمالي - الصفحة ٢٠٧
لبعض: لا تزالوا من هاهنا حتى تعلموا أنه قد مات، فلم يزالوا بحضرته حتى أمسوا ورجعوا إلى أبيهم عشاء يبكون، قالوا: يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب، فلما سمع مقالتهم استرجع واستعبر وذكر ما أوحى الله عز وجل إليه من الاستعداد للبلاء، فصبر وأذعن للبلاء، وقال لهم: بل سولت لكم أنفسكم أمرا، وما كان الله ليطعم لحم يوسف للذئب من قبل أن رأى تأويل رؤياه الصادقة.
قال أبو حمزة: ثم انقطع حديث علي بن الحسين (عليه السلام) عند هذا الحد، فلما كان من الغد غدوت عليه، فقلت له: جعلت فداك انك حدثتني أمس بحديث يعقوب وولده، ثم قطعته ما كان من قصة إخوة يوسف وقصة يوسف بعد ذلك؟ فقال: انهم لما أصبحوا قالوا انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف أمات أم هو حي؟ فلما انتهوا إلى الجب وجدوا بحضرة الجب سيارة، وقد أرسلوا واردهم فأدلى دلوه فلما جذب دلوه، إذا هو بغلام متعلق بدلوه، فقال لأصحابه: يا بشرى هذا غلام فلما أخرجوه أقبل إليهم اخوة يوسف فقالوا: هذا عبدنا سقط منا أمس في هذا الجب، وجئنا اليوم لنخرجه فانتزعوه من أيديهم وتنحوا به ناحية فقالوا: اما ان تقر لنا انك عبد لنا فنبيعك على بعض هذه السيارة، أو نقتلك؟ فقال لهم يوسف لا تقتلوني واصنعوا ما شئتم، فأقبلوا به إلى السيارة، فقالوا: أمنكم من يشتري منا هذا العبد؟ فاشتراه رجل منهم بعشرين درهما، وكان اخوته فيه من الزاهدين، وسار به الذي اشتراه من البدو حتى أدخله مصر فباعه الذي اشتراه من البدو من ملك مصر، وذلك قول الله عز وجل: * (وقال الذي اشتر له من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا) *.
قال أبو حمزة: فقلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): ابن كم كان يوسف يوم ألقوه في الجب؟ فقال: كان ابن تسع سنين، فقلت كم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر؟ فقال: مسيرة اثنى عشر يوما، قال: وكان يوسف من أجمل أهل زمانه فلما
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»