تفسير أبي حمزة الثمالي - أبو حمزة الثمالي - الصفحة ٢٠٥
وان سائلا مؤمنا صواما محقا له عند الله منزلة، وكان مجتازا غريبا اعتر على باب يعقوب عشية جمعة عند أوان إفطاره يهتف على بابه، أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم، يهتف بذلك على بابه مرارا وهم يسمعونه وقد جهلوا حقه ولم يصدقوا قوله، فلما يئس أن يطعموه، وغشيه الليل استرجع واستعبر وشكا جوعه إلى الله عز وجل، وبات طاويا وأصبح صايما جايعا صابرا حامدا لله وبات يعقوب وآل يعقوب شباعا بطانا، وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم. قال:
فأوحى الله عز وجل إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلة استجررت بها غضبي، واستوجبت بها أدبي، ونزول عقوبتي، وبلواي عليك وعلى ولدك، يا يعقوب: إن أحب أنبيائي إلي، وأكرمهم علي من رحم مساكين عبادي وقربهم إليه وأطعمهم، وكان لهم مأوى وملجأ، يا يعقوب: أما رحمت ذميال عبدي المجتهد في عبادتي القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس لما اعتر ببابك عند أوان إفطاره وهتف بكم أطعموا السائل الغريب المجتاز القانع، فلم تطعموه شيئا، فاسترجع واستعبر وشكا ما به إلي، وبات طاويا حامدا لي، وأصبح لي صايما، وأنت يا يعقوب وولدك شباع، وأصبحت وعندكم فضلة من طعامكم، أوما علمت يا يعقوب: ان العقوبة والبلوى إلى أوليائي أسرع منها إلى أعدائي، وذلك حسن النظر مني لأوليائي واستدراج مني لأعدائي أما وعزتي لأنزل عليك بلواي، ولأجعلنك وولدك عرضا لمصابي، ولآذينك بعقوبتي، فاستعدوا لبلواي، وارضوا بقضائي، واصبروا للمصايب.
فقلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): جعلت فداك متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآل يعقوب شباعا، وبات فيها ذميال طاويا جايعا.
فلما رأى يوسف الرؤيا، وأصبح يقصها على أبيه يعقوب، فاغتم يعقوب لما سمع من يوسف مع ما أوحى الله عز وجل إليه ان استعد للبلاء، فقال يعقوب
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»