تفسير أبي حمزة الثمالي - أبو حمزة الثمالي - الصفحة ٢٠٦
ليوسف: لا تقصص رؤياك هذه على إخوتك، فإني أخاف أن يكيدوا لك كيدا فلم يكتم يوسف رؤياه وقصها على إخوته.
قال علي بن الحسين (عليه السلام): وكانت أول بلوى نزلت بيعقوب وآل يعقوب الحسد ليوسف لما سمعوا منه الرؤيا، قال: فاشتدت رقة يعقوب على يوسف وخاف أن يكون ما أوحى الله عز وجل إليه من الاستعداد للبلاء هو في يوسف خاصة فاشتدت رقته عليه من بين ولده، فلما رأى إخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف وتكرمته إياه وايثاره إياه عليهم، اشتد ذلك عليهم وبدأ البلاء فيهم فتآمروا فيما بينهم، وقالوا: * (ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين) * أي تتوبون، فعند ذلك * (قالوا يأبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون) *. فقال يعقوب: * (إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب) *، فانتزعه حذرا عليه من أن تكون البلوى من الله عز وجل على يعقوب في يوسف خاصة لموقعه من قلبه وحبه له.
قال: فغلبت قدرة الله وقضائه، ونافذ أمره في يعقوب ويوسف واخوته، فلم يقدر يعقوب على دفع البلاء عن نفسه ولا عن يوسف وولده، فدفعه إليهم وهو لذلك كاره متوقع للبلوى من الله في يوسف، فلما خرجوا من منزلهم لحقهم مسرعا، فانتزعه من أيديهم فضمه إليه واعتنقه وبكى ودفعه إليهم فانطلقوا به مسرعين مخافة أن يأخذه منهم ولا يدفعه إليهم، فلما أمعنوا به أتوا به غيضة أشجار، فقالوا نذبحه ونلقيه تحت هذه الشجرة، فيأكله الذئب الليلة، فقال كبيرهم: * (لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيبت الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فعلين) * فانطلقوا به إلى الجب فألقوه فيه وهم يظنون أنه يغرق فيه فلما صار في قعر الجب ناداهم: يا ولد رومين اقرؤا يعقوب مني السلام، فلما سمعوا كلامه قال بعضهم
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»