وفيما بعد نذكر أمورا تتعلق بهذا الحديث وتنبيهات:
التنبيه الأول: لا يهولنك قولنا: إن هذا الحديث في أعلى درجات الصحة ويفضل على كثير مما حوته كتب الصحاح، فإنه يصدقه الواقع من تفوق علي عليه السلام في علوم الدين، وكان من أول علومه هو معرفة الله والايمان القوي الذي ساقه إلى افتداء رسوله الكريم، فتدثر بغطائه ونام على فراشه ليلة هاجر، وله كلام منقول عنه في وصف آلاء الله وآياته، وهو قد أوتي الحكمة التي هي نور يقذف في القلب ينير له فهم القرآن ظهرا وبطنا، كما تم له البصر بالقضاء الذي لابد فيه أولا من الدراية بالعلم ثم التيقظ لحيل الخصوم وتمويهاتهم، وذلك بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له.
ومع طرد العوارض والعوابر في سبيل هذا الحديث وأمثاله التي لم يكن مسموحا بروايتها رسميا سواء بالنسبة للعصور الأولى التي يهاجم فيها بالصلب، والضرب، وحلق اللحى، وصنوف التعزيرات، أو بعد تلك العصور التي يمقتون فيها رواتها ويصفونهم بالابتداع والرفض والخارجية، ومع كل ذلك فقد وصلنا بهذه الطرق الصحيحة، ثم بما يؤازرها من كثرة الطرق المختلفة المخارج. على أن أصحاب الصحاح رووا أحاديث اعترض علماء الفن أنفسهم عليها.
وحديث الباب مما تواردت على روايته الثقات، مع كثرة المتابعات، عن أبي معاوية في حديث ابن عباس، وكثرة الروايات عن شريك في حديث الصنابحي، وكثرة الروايات في حديث علي، شواهد على صحته من رواية