الإغاثة - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٣٤
أحواله، ولا يمتنع عليه أن يسأل غير الله تعالى، والحديث يدل على مراقبة الله تعالى واعتقاد أنه سبحانه هو المؤثر في كل حال وفي كل شئ حقيقة لقوله سبحانه: (والله خلقكم وما تعملون) ولقوله (الله خالق كل شئ) ولذلك أورد النووي رحمه الله تعالى هذا الحديث في باب المراقبة من رياض الصالحين.
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم سأل غير الله تعالى أشياء كثيرة، فقد سأل سيدنا عمر رضي الله عنه أن يدعو له عندما استأذنه في الذهاب للعمرة كما رواه أبو داود والترمذي بسند صحيح. وأقر الصحابة أن يسألوا غير الله تعالى أشياء، ففي سنن أبي داود في كتاب الزكاة: باب عطية من سأل بالله:
أي سأل الناس قائلا: بالله عليكم أعطوني، فروى أبو داود والنسائي مرفوعا:
(من سألكم بوجه الله تعالى فاعطوه) ولم يقل كفروه، لحديث: (وإذا سألت فاسأل الله)!!.
ولا أريد الإطالة بعد هذا البيان بنقل مئات النصوص من مثل هذه الشواهد التي تنسف استدلالات من لم يعرف الاستدلال، ومنه يتبين أن منطق هؤلاء الذين يحرمون الاستغاثة منطق سخيف سطحي جدا، ينبئ عن قلة معرفتهم وضعفهم في علوم الشريعة المختلفة، حيث ضعف فهمهم عن دقائق المسائل الشرعية، أو أن المال المميل فعل بهم ما فعل فجعلهم.... وقد تجتمع هذه الأسباب أيضا، فنسأل الله تعالى الهداية دوما للصواب.
(خاتمة): لم نر من حزم الاستغاثة من السلف الصالح رضي الله عنهم وإنما ظهر هذا في القرن الثامن فما بعد، وقد نقلنا في هذه العجالة نصوصا عن بعض السلف في تجويز الاستغاثة وفي الحض عليها، ونقل الإمام الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء نصوصا في ذلك أيضا عن السلف فمثلا: في سير الأعلام (9 / 343): قال إبراهيم الحربي - وهو من هو -:
قبر معروف الترياق المجرب. يريد إجابة دعاء المضطر عنده لأن البقاع المباركة يستجاب عندها الدعاء. ا ه‍ كلام الذهبي.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»