هذه هي حجة مانعي الاستغاثة الذين يكفرون عباد الله جزافا لغير موجب للتكفير، وهي مهلهلة كما رأيت، وذلك مبلغهم من العلم ويرددون آيات لا يدركون معناها سنجيب عنها الآن إن شاء الله تعالى سريعا، مع أننا على استعداد تام لأن نتوسع في شرحها ونبرهن عليه وننقل أقوال العلماء متى احتاج الأمر لذلك.
من تلك الآيات التي يحتجون بها: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي) ومن المعلوم بداهة: أن أشخاصا كثر قد سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الدعاء وغيره ودعا لهم وأعطاهم، ولم يتنافى هذا مع الآية، لأن الآية الكريمة تقرر أنه ليس شرطا في الدعاء اتخاذ الوسائط والوسائل وأيضا ليس فيها ما يمنع ذلك، فهي تقرر أن الإنسان له أن يدعو الله تعالى متى شاء دون واسطة سواء كان في حياة النبي أو بعد وفاته.
ومن تلك الآيات التي يوردونها ويضعونها في غير محلها أيضا: قوله تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا). ومعنى ذلك: أي لا تعبدوا غير الله تعالى ولا تعبدوا معه هذه الأوثان التي قال الله عنها: (واتخذوا من دونه آلهة) مع أنه قال أيضا: (أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) فهم لم يكن أحد منهم موحدا لا الرب ولا الإله لأن الرب هو الإله والإله هو الرب، وقد فصلت هذا في رسالة التنديد بمن عدد التوحيد.
ومنها قوله تعالى: (والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير). فاطر 13.
ومعنى الآية مختصرا: والذين تعبدون من دون الله بسجودكم لهم واعتقادكم فيهم الألوهية كمن يعبد منكم الأصنام أو المسيح أو الكواكب أو يعبد أشخاصا من العظماء في الدنيا من دون الله العظيم حقيقة لا يملكون من قطمير لكم أي لفافة نواة تمر، كأولئك الفرس مثلا الذين كانوا يعبدون كسرى والذين سألهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن سبب حلقهم