الإغاثة - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٣٣
البعث فقياس أولئك على هؤلاء غلط محض.
وأعود فأكرر بأن مسألة الاستغاثة لا علاقة لها بالعقيدة البتة. إلا في نظر البسطاء الذين لم يمعنوا النظر في الكتاب والسنة.
فجميع الآيات التي فيها اعتراف من الكفار بالله كقولهم (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) و (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله) ليس فيها أنهم كانوا يقرون بتوحيد لأن الله تعالى أخبر فقال بعد إحدى تلك الآيات كما في الزمر 3 (إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار).
وكذلك حديث (إذا سألت فاسأل الله) الذي رواه الترمذي والذي عليه كلام لبعض الحفاظ وهو حديث حسن على كل حال. قال النووي في شرحه عليه في الأربعين صحيفة 51:
قوله (إذا سألت فاسأل الله): إشارة إلى أن العبد لا ينبغي له أن يعلق سره بغير الله تعالى بل يتوكل عليه في سائر أموره، ثم إن كانت الحاجة التي يسألها لم تجر العادة بجريانها على أبدي خلقه كطلب الهداية والعلم والفهم في القرآن والسمنة وشفاء المرض وحصول العافية من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة سأل ربه ذلك وإن كانت الحاجة التي يسألها جرت العادة أن الله سبحانه وتعالى يجريها على أيدي خلقه كالحاجات المتعلقة بأصحاب الحرف والصنائع وولاة الأمور سأل الله تعالى أن يعطف عليه قلوبهم فيقول:
اللهم حنن علينا قلوب عبادك وإمائك، وما أشبه ذلك ولا يدعو الله تعالى باستغنائه عن الخلق لأنه صلى الله عليه وآله وسلم سمع عليا يقول: اللهم أغننا عن خلقك فقال لا تقل هكذا فإن الخلق يحتاج بعضهم إلى بعض، ولكن قل: اللهم أغننا عن شرار خلقك. وأما سؤال الخلق والاعتماد عليهم فمذموم. انتهى كلام النووي ص 51 (شرح الأربعين طبعة الشمرلي القاهرة الطبعة السادسة).
فتبين من ذلك: أن سؤال غير الله تعالى ليس شركا ولا منهيا عنه إلا أن اعتقدنا أن للمسؤول صفة الألوهية، والمسلم مراقب لله تعالى في جميع
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»