الإغاثة - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٢٠
2) وروى البخاري في صحيحه في كتاب الاستسقاء باب (6) الفتح (2 / 501): عن أنس بن مالك:
(أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخطب، فاستقبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قائما فقال:
يا رسول الله هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا - أي يمطرنا - قال: فرفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يديه فقال: اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا. قال أنس:
ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئا، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار. قال: فطلعت من وراءه سحابة مثل الترس ثم انتشرت، ثم أمطرت....).
قلت: هذا الرجل أصيب ماله بالهلاك وجاء مستغيثا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعو الله في أن يمطرهم، وهو يخطب على المنبر، فلم يقل له صلى الله عليه وآله وسلم: عليك أن تدعو الله أنت لأن الله يقول:
(إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) وكذا لم يقل له (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) لأن هاتين الآيتين لا تنفيان سؤال الغير والاستغاثة بالأنبياء، وذكر الشئ لا ينفي ما عداه كما هو مقرر في الأصول، ومن هذا الباب جاء في الحديث الصحيح: أن الأعمى استغاث برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعو الله له في رد بصره، فلم يدع به وإنما علمه التوسل والاستغاثة بجاهه (صلى الله عليه وسلم) في الدعاء المسنون المشهور الذي فيه (اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة - وهذا توسل - يا محمد إني أتوجه بك الله في حاجتي لتقضى - وهذه استغاثة صريحة -) وخصوصا أن النبي لم يخص هذا الدعاء بحياته فقط مع أنه حي في قبره كما أخبر وجاءنا في الحديث الصحيح، وعلماء الأمة ذكروا هذا الحديث في أبواب صلاة الحاجة من مصنفاتهم ولم يقل أحد منهم إياكم أن تدعو به فإنه شرك،
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»