فتح الملك العلى - أحمد بن الصديق المغربي - الصفحة ١٠٧
وسبقه إلى ذلك ابن دقيق العيد فقال في مختصره: إن اتفاق الناس على تسمية كتابيهما بالصحيحين يلزم منه تعديل رواتهما ا ه‍.
ويلزم منه أيضا قبول رواية المبتدعة لكنهم خالفوا هذا الفعل بألسنتهم كما قال ابن القيم في (الطرق الحكيمة) عند تقرير رواية المبتدعة وشهادتهم: هذا هو الصواب الذي عليه العمل وإن أنكره كثير من الفقهاء بألسنتهم ا ه‍.
وقال الأمير الصنعاني في (إرشاد النقاد): قد يصعب على من يريد درك الحقائق وتجنب المهاوي والمزالق معرفة الحق من أقوال أئمة الجرح والتعديل، بعد ابتداع هذه المذاهب التي طال فيها القال والقيل وفرقت كلمة المسلمين وأنشأت بينهم العداوة والبغضاء وقدح بعضهم في بعض وانتهى الأمر إلى الطامة الكبرى من التفسيق والتكفير، فترى عالما يقدح في راوية كان يقول بخلق القرآن أو بقدم القرآن والقول بالقدر والإرجاء والنصب والتشيع، ثم تراهم يصححون أحاديث جماعة من الرواة قد رموهم بتلك الفوادح، ألا ترى أن البخاري أخرج لجماعة رموهم بالقدر وكذلك مالك ومسلم، وهذا من صنع أئمة الدين قد يعده الواقف عليه تناقضا ويراه لما قرروه معارضا وليس الأمر كذلك، فإنه إذا حقق صنيع القوم وتتبع طرائقهم وقواعدهم علم أنهم لا يعتمدون بعد إيمان الراوي إلا على صدق لهجته وضبط روايته ا ه‍.
(فصل): وكذلك ما اشترطوه في قبول رواية المبتدع من أن يكون غير داعية فإنه باطل في نفسه مخالف لما هم مجمعون في تصرفهم عليه، وإن أغرب ابن حبان فحكى إجماعهم على اشتراطه فقال: إن الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمتنا قاطبة لا أعلم بينهم فيه خلافا ا ه‍.
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»