فتح الملك العلى - أحمد بن الصديق المغربي - الصفحة ١١٨
إلى غير ذلك. لكنهم قد يتهمون الراوي ويضعفونه بحديث يكون في الواقع بريئا منه لوجود المتابعين له أو وجود المجاهيل في السند فوقه أو دونه، وكثيرا ما يقع هذا لابن حبان من المتقدمين، ولابن الجوزي من المتأخرين، وربما وقع ذلك للذهبي أيضا حتى قال الحافظ في ترجمة علي بن صالح الأنماطي من اللسان وقد اتهمه الذهبي بحديث هو برئ منه ما نصه: ينبغي التثبت في الدين يضعفهم الذهبي من قبله ا ه‍ (1).
(فصل): وأما ما يترتب عليه هذا الحكم وهو معرفة كون الحديث منكرا لا أصل له فذلك بأمور، منها: ما هو واضح جلى يشترك في معرفته كل من له دراية بالحديث كركاكة اللفظ والمعنى واشتماله على المجازفات والافراط في الوعيد الشديد على الأمر اليسير، أو الوعد العظيم على الفعل اليسير، وغير ذلك مما هو مذكور في كتب الموضوعات وأصول الحديث، ومنها: ما هو خفي لا يدركه إلا البزل في هذا الشأن وأهمها أمران:
(الأمر الأول): التفرد من الراوي المجهول أو المستور أو من لم يبلغ من الحفظ والشهرة ما يحتمل معه تفرد ما يجب أن يشاركه غيره فيه، أو في أصله تفردا بإطلاق أو بالنسبة إلى شيخ من الحفاظ المشاهير كما قال مسلم في مقدمة صحيحه: إن حكم أهل العلم والذي نعرف من مذهبهم في قبول ما يتفرد به المحدث من الحديث أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووا ولو أمعن في ذلك على الموافقة لهم فإذا وجد كذلك ثم زاد بعد ذلك شيئا ليس عند أصحابه قبلت زيادته، فأما من تراه يعمد لمثل الزهري في جلالته وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره أو لمثل هشام بن عروة وحديثهما عند

(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»