إذا زمان الأسود ولى * فارقص مع القرد في زمانه وفي المقاصد قال منصور بن الأزهر أتيت باب المأمون فإذا ابن أبي خميصة قد خرج واللواء بين يديه فثنى رجله على معرفة دابته وأنشأ يقول:
كم من رفيع القناة قد وضع الدهر * وكم ذي مهانة رفعه قد يجمع المال غير آكله * ويأكل المال غير من جمعه فارض من الدهر ما أتاك به * من قر عينا بعيشه نفعه وقال المنصور أيضا فلما كان في خلافة المنتصر ولي أيضا فوافقته في ذلك الموضع ففعل فعله الأول وأنشد:
وقائد يحف في أعوانه * مثل حفيف الهيف في خفانه فإن تلقاك بعدوانه * وخفت منه الجور في أوانه فاسجد لقرد السوء في زمانه * وداره ما دام في سلطانه ثم قال في المقاصد أيضا وقد كان للقرود حقيقة دولة فحكي المقريزي أن محمد بن إسحاق قاضي مدينة الأموغزي مقدشوه العالم العابد لقيه بمكة في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة وذكره له أن القردة غلبت على مدينة مقدشوه في نحو سنة ثمانمائة بحيث ضايقت الناس في مساكنهم وأسواقهم وصارت تأخذ الطعام من الأواني وغيرها وتهجم على الناس في الدور وتأخذ ما تجده من آنية حتى أن صاحب تلك الدار يتبع القرد ويتلطف به في رد الإناء فيرده بعد أكل ما فيه وإذا وجد امرأة منفردة وطئها ومن عادة ملكها أن أرباب دولته يقفون تحت قصره فإذا تكاملوا فتحت طاقة بأعلاه فيقبلون له الأرض ثم يرفعون رؤوسهم فيجدون الملك قد أشرف عليهم من تلك الطاقة فيأمر وينهي فلما كان في بعض الأيام كان المشرف عليهم قردا قال وتمر القردة طوائف كل طائفة لها كبير يقدمها وهي تابعة له بتؤدة وترتيب فيرون ذلك عقوبة لهم من الله. انتهى، والله أعلم بصحة ذلك 3208 - يساق إلى مصر كل قصير العمر. رواه أبو نعيم في الطب