كالجمهور وقول عياض والجويني والقاضي حسين للتحريم فيحرم شده الرحل لغيرها كقبور الصالحين والمواضع الفاضلة. قال [ص 404] النووي: غلط فإن قوله لا تشد معناه لا فضيلة في شدها. قال الطيبي: وهو أبلغ مما لو قيل لا تسافر لأنه صورة حالة المسافر وتهيئة أسبابها وأخرج النهي مخرج الإخبار أي لا ينبغي ولا يستقيم أن تقصد الزيارة بالراحلة إلا إلى هذه الثلاثة (المسجد الحرام) بالجر بدل من ثلاثة وبالرفع خبر مبتدأ محذوف وتالياه معطوفان عليه والمراد به هنا نفس المسجد لا الكعبة ولا مكة ولا الحرم كله وإن كان يطلق على الكل الحرام بمعنى المحرم (ومسجدي هذا) في رواية مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقيل لعله من تصرف الرواة (والمسجد الأقصى) وهو بيت المقدسي سمي به لبعده عن مسجد مكة مسافة أو زمنا أو لكونه لا مسجد وراءه أو لأنه أقصى موضع من الأرض ارتفاعا وقربا إلى السماء خص الثلاثة لأن الأول إليه الحج والقبلة، والثاني أسس على التقوى، والثالث قبلة الأمم الماضية، ومن ثم لو نذر إتيانها لزمه عند مالك وأحمد وكذا عن بعض الشافعية لكن الصحيح عندهم قصره على الأول لتعلق النسك به، وقال الحنفية يلزمه إذا نذر المشي لا الإتيان وشدها لغير الثلاثة لنحو علم أو زيارة ليس للمكان بل لمن فيه قال البيضاوي: ينبغي أن لا يشتغل إلا بما فيه صلاح دنيوي وفلاح أخروي ولما كان ما عدا الثلاثة من المساجد متساوية الأقدار في الشرف والفضل وكان التنقل والارتحال لأجلها عبثا ضائعا نهى الشارع عنه والمتقضي لشرفها أنها أبنية الأنبياء ومتعبداتهم (حم ق د ن ه عن أبي هريرة حم ق ت عن أبي سعيد) الخدري (ه عن ابن عمرو) بن العاص.
9803 - (لا تشربوا الخمر فإنها مفتاح كل شر) أي أصله ومنبعه ومن ثم كان شربها من أفجر الفجور وأكبر الكبائر بل ذهب بعض الصحابة إلى أنها أكبرها بعد الشرك وذهب جمع من المجتهدين وتبعهم المؤلف إلى أن شاربها يقتل في الرابعة وزعموا صحة الحديث بذلك من غير معارض (ه عن أبي الدرداء).
9804 - (لا تشغلوا قلوبكم بذكر الدنيا) لأن الله يغار على قلب عبده أن يشتغل بغيره وإذا أراد بعبد خيرا سلط عليه أنواع العذاب حتى ينزع حبها من قلبه (هب عن محمد بن النضر الحارثي مرسلا).
9805 - (لا تشغلوا قلوبكم بسبب الملوك) وإن جاروا لأن منصبه يصان عن السب والامتهان (ولكن تقربوا إلى الله تعالى بالدعاء لهم) بالهداية والتوفيق فإنكم إن فعلتم ذلك (يعطف الله قلوبهم عليكم) فاستقيموا يستقيموا وكما تكونوا يول عليكم وكما تدين تدان والجزاء من جنس العمل (ابن النجار) في تاريخه (عن عائشة).