فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٥٢٦
(غريبة) قال ابن عربي: اجتمع جمع من المشايخ بدعوة بزقاق بمصر فقدم الطعام واحتاجوا آنية وثم إناء زجاج جديد أعد للبول ولم يستعمل فغرف فيه فنطق منذ أكرمني الله بأكل هؤلاء السادة لا أكون وعاء للأذى ثم انكسر نصفين، فقال ابن عربي: سمعتم ما قال؟ قالوا لا. قال: قال كذا، وقال غير هذا أيضا. قال وكذا كم قلوبكم أكرمها الله بالإيمان فلا ترضوا أن تكون محلا لنجاسة المعصية وحب الدنيا. (حم د ت حب عن أبي سعيد) الخدري، قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال في الرياض بعد عزوه لأبي داود والترمذي: إسناده لا بأس به.
9809 - (لا تصحب الملائكة) وفي رواية لا تقرب، وفي أخرى لا تتبع وهو يبين أن المراد بنفي الصحبة نفي مجرد اللقاء لا في الملازمة والمراد ملائكة الرحمة والاستغفار لا الحفظة ونحوهم (رفقة) بضم الراء وكسرها جماعة مترافقة في سفر (فيها كلب) ولو لحراسة الأمتعة سفرا كما اقتضاه ظاهر الخبر قال القرطبي وهو قول أصحاب مالك قال: لكن الظاهر أن المراد غير المأذون في اتخاذه لأن المسافر يحتاجه (ولا جرس) بفتح الراء الجلجل وبسكونها صوته وذلك لأنه من مزامير الشيطان والملائكة ضده ولأنه يشبه الناقوس فيكره تنزيها عند الشافعية جرس الدواب، وقال ابن العربي المالكي: لا يجوز بحال لأنها أصوات الباطل وشعار الكفار اه‍. وزعم أن ذلك شعار الكفار ممنوع، ومما فيه من المضار أنه يدل على أصحابه بصوته وكأنه عليه السلام يحب أن لا يعلم العدو به حتى يأتيهم فجأة، وعطف ولا جرس على فيها كلب وإن كان مثبتا لأنه في سياق النفي، وذكر الرفقة في الحديث غالبي فلو سافر وحده كره لصحبة الجرس والكلب لوجود المعنى ولا يختص الحكم بجرس الإبل والخيل والبغال والحمر كذلك بل وعنق الرجل كما ذكره الزين العراقي (حم م د ت) في الجهاد (عن أبي هريرة).
9810 - (لا تصحبن أحدا لا يرى لك من الفضل كمثل ما ترى له) كجاهل قدمه المال وبذل الرشوة في فضائل دينية لحاكم [ص 406] ظالم منعها أهلها وأعطاه مكافأة لرشوته فتصدر وترأس وتنكب عن أن يرى لأحد مثل ما يرى له وتشبه بالظلمة في تبسطهم وملابسهم ومراكبهم. قال بعضهم: وكان يشير إلى تجنب صحبة المتكبرين المتعاظمين في دين أو دنيا سواء كان فوقه أو دونه لأنه إن كان فوقه لم يعرف له حق متابعته وخدمته بل يراه حقا عليه وأنه شرف بصحبته فإن صحبته في طلب الدين قطعك بكثرة اشتغاله عن الله وإن صحبته للدنيا من عليك برزق الله وإن كان دونك لم يعرف لك حرمة بل يرى له حقا بصحبته لك فإن صحبته في الدين كدره عليك بسوء معاشرته أو للدنيا لم تأمن من أذيته وخيانته وفي المجالسة للدينوري عن الأصمعي ماتاه على أحد قط مرتين، قيل وكيف؟ قال: لأنه إذا تاه على مرة لم أعدله وقيل:
إذا تاه الصديق عليك كبرا * فته كبرا على ذلك الصديق
(٥٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 ... » »»
الفهرست