فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ١٤٦
الظاهر الثاني لأن جرها على الأرض غير معهود والإسبال في كل شئ بحسبه (خيلاء) بضم الخاء وقد قيل بكسرها حكاه القرطبي أي سبب الخيلاء أي العجب والتكبر في غير حالة القتال كما أفاده حديث آخر وفي رواية من مخيلة ولفظ رواية مسلم من الخيلاء وحقيقة المخيلة حالة الخيلاء كالشبيبة حالة الشباب وأصله أن يخيل إليه أي يجول فيه الظن بمنزلة ليس هو فيها وفي رواية لمسلم من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة (لم ينظر الله إليه) وفي رواية لمسلم فإن الله لا ينظر إليه نظر رحمة، عبر عن المعنى الكائن عند النظر بالنظر لأن من نظر إلى متواضع رحمه ومن نظر إلى متكبر مقته والرحمة والمقت مسببان عن النظر ذكره الزين العراقي وقال الكشاف: نسبة النظر لمن يجوز عليه النظر كناية لأن من اعتد بالشخص التفت إليه ثم كثر حتى صار عبارة عن الإحسان وإن لم يكن هناك نظر ولمن لا يجوز عليه حقيقة النظر وهو تقليب الحدقة والله منزه عن ذلك فهي بمعنى الإحسان مجاز عما وقع في حق غيره كناية (يوم القيامة) خصه لأنه محل الرحمة المستمرة بخلاف رحمة الدنيا فقد تنقطع بما يتجدد من الحوادث، وتتمة الحديث عند البخاري فقال أبو بكر: يا رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده فقال له: إنك لست ممن يفعله خيلاء، قال ابن عبد البر: ومفهوم الحديث أن الجار لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد إلا أن جر القميص وغيره من الثياب مذموم [ص 113] بكل حال وقال النووي: لا يجوز الإسبال تحت الكعبين للخيلاء فإن كان لغيرها كره. - (حم ق 4) كلهم في اللباس إلا النسائي ففي الزينة (حم عن ابن عمر) بن الخطاب، زاد أبو داود والترمذي والنسائي قال ابن عمر: قالت أم سلمة: يا رسول الله فكيف تصنع النساء بذيولهن قال: يرخين شبرا قالت: إذن تنكشف أقدامهن قال: فترخيه ذراعا لا يزدن عليه، وإسناده صحيح ورواه الطبراني عن ابن مسعود باللفظ المذكور وزاد وإن كان على الله كريما.
8615 - (من جرد ظهر امرئ مسلم) أي عراه من ثيابه (بغير حق لقي) بالقاف (الله وهو) أي والحال أنه (عليه غضبان) والمراد فيما يظهر أنه جرده من ثيابه ليضربه وفعل، ويحتمل على بعد أن المراد هتك العورة وهذا وعيد شديد يفيد أن ذلك كبيرة. - (طب) وكذا في الأوسط (عن أبي أمامة) قال الهيثمي كالمنذري: وإسناده جيد وقال ابن حجر في الفتح: في سنده مقال.
8616 - (من جعل قاضيا بين الناس) بأن تولى القضاء بينهم (فقد ذبح) أي من تصدى له وتولاه فقد تعرض لهلاك دينه فالذبح مجاز عنه لأنه أسرع أسبابه بل أعظم إذ الذبح المتعارف يحصل به الإزهاق والإراحة وهذا ذبح (بغير سكين) بل بعذاب أليم فضرب المثل ليكون أبلغ في الزجر وأشد في التوقي لخطره وقال القاضي: قوله بغير سكين يريد به كخنق وتغريق وإحراق وحبس عن طعام وشراب فإنه أصعب وأشد من القتل بالسكين لما فيه من مزيد التعذيب وامتداد مدته، شبهت به التولية لما في
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست