فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٥٨٢
الغزالي: والمراد بالفقه هنا علم طريق الآخرة ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة واستيلاء الخوف على القلب لا تفريعات الطلاق واللعان والسلم والإجارة فإن التجرد له على الدوام يقسي القلب وينزع الخشية منه كما يشاهد من المتجردين فيه انتهى. وقال الذهبي: هذا الحديث لو صح نص في الفقيه الذي تبصر في العلم ورقى في الاجتهاد وعمل بعلمه لا كفقيه اشتغل بمحض الدنيا. (ت) في العلم (ه) في السنة (عن ابن عباس) قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وأورده ابن الجوزي في العلل وقال: لا يصح والمتهم به روح بن جناح قال أبو حاتم: يروي عن الثقات ما لم يسمعه من ليس متجرا في صناعة الحديث شهد له بالوضع انتهى وقال الحافظ العراقي: ضعيف جدا.
5897 - (فكرة ساعة) أي صرف الذهن لحظة من العبد في تدبير تقصيره وتفريطه في حقوق الحق ووعده وعيده وحضوره بين يديه ومحاسبته له ووزن أعماله وخوف خسرانه و جوازه على الصراط وشدة وحدته وغير ذلك من أهوال القيامة (خير من عبادة ستين سنة) مع عزوبة البال عن التفكير بهذه الأهوال لأنه إذا تفكر في ذلك قوي خوفه واجتمع همه وصارت الآخرة نصب عينيه فأوقع العبادة بفراغ قلب من الشواغل الدنيوية ونشاط وجد وتشمير ومن قل تفكره قسى قلبه وتفرق شمله وتتابعت عليه الغفلة فهو وإن تعبد فقلبه هائج بأشغال الدنيا متكل على عقله غير معتمد على ربه لا يتأثر بقوارع التخويف ولا ينزجر بزواجر التذكير قال الحرالي: لا خير في عبادة إلا بتفكر كما أن الباني لا بد أن يفكر في بنيانه كما قال الحكيم أول الفكرة آخر العمل وأول العمل آخر الفكرة كذلك من حق أعمال الإيمان أن لا تقع إلا بفكرة في إصلاح أوائلها السابقة وأواخرها اللاحقة وقال بعضهم: إن العبادة تنقسم إلى ظاهرة بالأركان وباطنة بالقلب والجنان وعادة الباطن أفضل وأخلص وأصفى ولأسلم والفكر أتمها لحصول القلب في عالم الغيب وخروجه عن عالم الشهادة والحس وعظم الفكر بحسب المتفكر فيه فمنهم من تفكر في المصنوعات استدلالا على صانعها ومنهم من تفكر في الجنة والنار كأنه يعاينها ومنهم من تفكر في عظمة الله ومشاهدته.
(تتمة) قال الغزالي: عن وهب كان فيمن قبلكم رجل عبد الله سبعين سنة صائما قائما فسأل الله حاجة فلم تقض فأقبل على نفسه وقال: من قبلك أتيت لو كان عندك خير قضيت حاجتك فأنزل الله ملكا فقال: ساعتك التي ازدريت فيها نفسك خير من عبادتك التي مضت (أبو الشيخ) ابن حبان (في) كتاب (العظمة) من حديث عثمان بن عبد الله القرشي عن إسحاق بن نجيح الملطي عن عطاء الخراساني (عن أبي هريرة) أورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: فيه عثمان بن عبد الله القرشي عن إسحاق الملطي كذابان فأحدهما وضعه وتعقبه المؤلف بأن العراقي اقتصر في تخريج الأحياء على ضعفه وله شاهد.
(٥٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 577 578 579 580 581 582 583 584 585 586 587 ... » »»
الفهرست