فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ١٨٧
النفس والهوى (فمن أكرمه أكرمه الله ومن أهانه أهانه الله) لأن نظام الدين إنما هو بالمعرفة والعبادة وذلك لا يحصل إلا بإمام مطاع ولولاه لوقع التغلب وكثر الهرج وعمت الفتن وتعطل أمر الدين والدنيا فالسلطان حارس وراعي ومن لا راعي له فهو ضال فمن أمان أمير المؤمنين فهو من المهانين (تنبيه) قال بعض العارفين: لا تدعو على الظلمة إذا جاروا فإن جورهم لم يصدر عنهم وإنما صدر عن المظلوم حتى تحكم فيه أو عليه فظهر ظلمه فالحكام متسلطون بحسب الأعمال * (إن لكم لما تحكمون) * والحاكم الجائر عدل الله في الأرض ينتقم من خلقه به ثم يصيره إليه فإن شاء عفا عنه لأنه آلته وإن شاء عذبه لأنه حقه. (طب هب عن أبي بكرة) وفيه سعد بن أويس فإن كان هو العبسي فقد ضعفه الأزدي وإن كان البصري فضعفه ابن معين ذكرهما الذهبي في الضعفاء.
4816 - (السلطان ظل الله في الأرض) تشبيه وقوله (يأوي إليه كل مظلوم من عباده) جملة مبينة إنما شبهه بالظل لأن الناس يستريحون إلى برد عدله من حر الظلم (فإن عدل كان له الأجر وكان على الرعية الشكر وإن جار (1) أو حاف أو ظلم كان عليه الوزر) أي الوزر العظيم الشديد (وكان على الرعية الصبر) أي يلزمهم الصبر على جوره ولا يجوز لهم الخروج عليه إلا إن كفر ثم إنه لا منافاة بين فرض جوره وما اقتضاه مطلع الحديث من عدله لأن قوله السلطان ظل الله بيان لشأنه وأنه ينبغي كونه كذلك فإذا جار خرج عن كونه ظل الله فهو من قبيل * (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى) * فرتب على الحاكم الوصف المناسب ونهاه عما لا يناسب أفاده الطيبي (وإذا جارت الولاة قحطت السماء) أي إذا ذهب العدل انقطع القطر فلم تنبت الأرض فحصل القحط لأن الوالي فاصل بين الحق والباطل فإذا ذهب الفاضل انقطعت الرحمة (وإذا منعت الزكاة هلكت المواشي) لأن الزكاة تنميها والنمو بركة وإذا منعت الزكاة بقي المال بدنسه ولا بقاء للبركة مع الدنس وإذا ارتحلت البركة عن شئ هلك لأن نسله ينقطع (وإذا ظهر الزنا ظهر الفقر والمسكنة) لأن الغنى من فضل الله والفضل لأهل الفرح بالله وبعطائه وبالمناكحة الشرعية يلتقي الزوجان على الفرح بما أعطاهم الله فمن زنا فقد آثر الفرح الذي من قبل العدو على الفرح الذي بفضل الله فأورثه الفقر (وإذا أخفرت الذمة أديل الكفار) لأن المؤمن عاهد الله بالوفاء بذمته فإذا أخفر نقض العهد وإذا نقض وهن عقد المعرفة لأن المعرفة مقرونة بالعهد معقودة به وبنقض العهد يخاف انحلال
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست