فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ١٨٦
4813 - (السكينة مغنم وتركها مغرم) قال الديلمي: فعيلة من السكون وهو الوقار وقال غيره:
السكينة تطلق على الطمأنينة والسكون والوقار والتواضع قال ابن خالويه: ولا نظير لها أي في وزنها إلا قولهم على فلان ضريبة أي خراج معلوم. (ك في تاريخه) أي تاريخ نيسابور (والإسماعيلي في معجمه) والديلمي (عن أبي هريرة) ثم قال الحاكم: هذا أعجب من كل ما أنكر على سفيان بن وكيع فإنه صحيح الإسناد شاذ المتن.
4814 - (السكينة) بفتح السين (في أهل الشاء والبقر) لأن من حكمة الله في خلقه أن من اغتذى جسمه بجسمانية شئ اغتذت نفسانيته ذلك الشئ، وقال بعضهم: إنما خص أهل الغنم والبقر بذلك لأنهم غالبا دون أهل الإبل في التوسع والكثرة وهما من أسباب الفخر والخيلاء وقيل:
أراد بأهل الغنم أهل اليمن لأن غالب مواشيهم الغنم والبقر بخلاف ربيعة ومضر فإنهم أصحاب إبل وقال المجد بن تيمية: أصل هذا أن الله جبل بني آدم بل سائر المخلوقات على التفاعل بين الشيئين المتشابهين وكلما كانت المشابهة أقوى وأكثر فالتفاعل في الأخلاق والصفات أتم حتى يؤول الأمر إلى أن لا يتميز أحدهما عن الآخر إلا بالمعنى وكلما كان بين إنسان وإنسان مشاركة في جنس خاص كان التفاعل فيه أشد ثم بينه وبين سائر الحيوان مشاركة في الجنس المتوسط فلا بد من نوع تفاعل بقدره ثم بينه وبين الثبات مشاركة في الجنس البعيد مثلا فلا بد من نوع ما من المفاعلة لهذا الأصل وقع التأثر والتأثير في بني آدم واكتساب بعضهم أخلاق بعض بالمعاشرة والمشاكلة وكذا الآدمي إذا عاشر نوعا من الحيوان اكتسب بعض أخلاقه فلذلك صار الخيلاء والفخر في أهل الإبل والسكينة في أهل الغنم وصار الجمالون والبغالون فيهم أخلاق مذمومة من أخلاق الجمال والبغال وصار الحيوان الإنسي فيه بعض أخلاق الناس من العشرة والمؤالفة وقلة النفرة فالمشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشاكلة ومشابهة في الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي. (البزار) في مسنده (عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه كثير بن زيد وثقه أحمد وجماعة وفيه ضعف.
4815 - (السلطان ظل الله في الأرض) لأنه يدفع الأذى عن الناس كما يدفع الظل حر الشمس وقد يكنى بالظل عن الكنف والناحية ذكره ابن الأثير وهذا تشبيه بديع ستقف على وجهه وأضافه إلى الله تشريفا له كيد الله وناقة الله، وإيذانا بأنه ظل ليس كسائر الظلال بل له شأن ومزيد اختصاص بالله بما جعله خليفة في أرضه ينشر عدله وإحسانه في عباده ولما كان في الدنيا ظل الله يأوي إليه كل ملهوف استوجب أن يأوي في الآخرة إلى ظل العرش قال العارف المرسي: هذا إذا كان عادلا وإلا فهو في ظل
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست