فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ١٨٥
4810 - (السفر قطعة من العذاب) أي جزء منه لما فيه من التعب ومعاناة الريح والشمس والبرد والخوف والخطر وأكل الخشن وقلة الماء والزاد وفراق الأحبة ولا يناقضه خبر سافروا تغنموا إذ لا يلزم من الغنم بالسفر أن لا يكون من العذاب لما فيه من المشقة وقيل: السفر سقر. وقيل فيه:
وإن اغتراب المرء من غير خلة * ولا همة يسمو بها لعجيب وحسب الفتى ذلا وإن أدرك العلا * ونال الثريا أن يقال غريب (يمنع أحدكم طعامه) الجملة استئناف بياني لمقدر تقديره لم كان ذلك فقال يمنع أحدكم طعامه (وشرابه ونومه) بنصب الأربعة بنزع الخافض على المفعولية لأن منع يتعدى لمفعولين الأول أحدكم والثاني طعامه وشرابه عطف عليه ونومه إما على الأول أو الثاني والمراد منع كمالات المدكورات لا أصلها ومما تقرر علم أن المراد العذاب الدنيوي وأما ما قيل من أن المراد العذاب الأخروي بسبب الإثم الناشئ عن المشقة فيه فناشئ عن عدم تأمل قوله يمنع أحدكم إلخ فإن قلت لم عبر العذاب دون العقاب قلت لكون العذاب أعم إذ العذاب الألم كما تقرر وليس كل مؤلم يكون عقابا على ذنب (فإذا قضى أحدكم نهمته) بفتح فسكون رغبته أو مقصوده أو حاجته (من وجهه) أي مقصده وفي رواية إذا قضى أحدكم وطره من سفره وفي رواية فرغ من حاجته (فليعجل) بضم التحتية (الرجوع إلى أهله) محافظة على فضل الجمعة والجماعة وأداء للحقوق الواجبة لمن يمونه وعبر بالنهمة التي هي بلوغ الهمة إشعارا بأن الكلام في سفر لأرب دنيوي كتجارة دون الواجب كحج وغزو.
(فائدة) لما جلس إمام الحرمين محل أبيه سئل لم كان السفر قطعة من العذاب فأجاب فورا لأن فيه فراق الأحباب. (مالك) في آخر الموطأ (حم ق ه عن أبي هريرة).
4811 - (السفل) بكسر أوله وضمه (أرفق) قاله لأبي أيوب لما نزل عليه بالمدينة فنزل النبي صلى الله عليه وسلم في السفل وأبو أيوب في العلو ثم استدرك أبو أيوب رعاية للأدب فعرض عليه التحول إلى العلو فقال:
السفل أرفق أي بأصحابه وقاصديه. (حم عن أبي أيوب) الأنصاري.
4812 - (السكينة عباد الله السكينة) بفتح المهملة والتخفيف الوقار والطمأنينة والرزانة وقرئ في الآية بالكسر والتشديد وقيل: السكينة التأني في الحركات وتجنب العبث والوقار في الهيئة وغض البصر وخفض الصوت ومر معنى آخر وحذف حرف النداء تخفيفا أي الزموا يا عباد الله وقال الظاهر مع طمأنينة القلب وعدم تحركه مما يمتحن به من المؤذيات. (أبو عوانة) في صحيحه (عن جابر) قال:
لما أفاض النبي صلى الله عليه وسلم من عرفات قال ذلك.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست