فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ١٨٢
ورجاله ثقات اه‍. (ابن عساكر) في التاريخ (عن أنس) بن مالك لكن مع اختلاف في اللفظ ولفظه عن أنس قال: أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أيها الناس إن الله قد اختار لكم الإسلام دينا فأحسنوا صحبة الإسلام بالسخاء وحسن الخلق ألا إن السخاء شجرة في الجنة وأغصانها في الدنيا فمن كان منكم سخيا لا يزال متعلقا بغصن من أغصانها حتى يورده الله الجنة ألا إن اللؤم شجرة في النار وأغصانها في الدنيا فمن كان منكم لئيما لا يزال متعلقا بغصن من أغصانها حتى يورده الله النار اه‍. وفيه ضعفاء ومجاهيل (فر عن معاوية) ورواه ابن حبان في الضعفاء عن عائشة. قال الزين العراقي: وطرقه كلها ضعيفة وأورده ابن الجوزي في الموضوع.
4804 - (السخي قريب من الله) أي من رحمته وثوابه فليس المراد قرب المسافة. تعالى الله عنه، إذ لا يحل الجهات ولا ينزل الأماكن ولا تكتنفه الأقطار (قريب من الناس) أي من محبتهم فالمراد قرب المودة (قريب من الجنة) لسعيه فيما يدنيه منها وسلوكه طريقها فالمراد هنا قرب المسافة وذلك جائز عليها لأنها مخلوقة وقربه منها برفع الحجاب بينه وبينها وبعده عنها كثرة الحجب فإذا قلت الحجب بينك وبين الشئ قلت مسافته، أنشد بعضهم:
يقولون لي دار الأحبة قد دنت * وأنت كئيب إن ذا لعجيب فعلت وما تغني ديار قريبة * إذا لم يكن بين القلوب قريب والجنة والنار محجوبتان عن الخلق بما حفتا به من المكاره والشهوات وطريق هتك هذه الحجب مبينة في مثل الإحياء والقوت من كتب القوم (بعيد من النار والبخيل بعيد من الله) أي من رحمته (بعيد من الناس بعيد من الجنة قريب من النار) وقال الغزالي: والبخل ثمرة الرغبة في الدنيا والسخاء ثمرة الزهد والثناء على الثمرة ثناء على المثمر لا محالة والسخاء ينشأ من حقيقة التوحيد والتوكل والثقة بوعد الله وضمانه للرزق وهذه أغصان شجرة التوحيد التي أشار إليها الحديث والبخل ينشأ من الشرك وهو الوقوف مع الأسباب والشك في الوعد قال الطيبي: التعريف في السخي والبخيل للعهد الذهني وهو ما عرف شرعا أن السخي من هو والبخيل من هو وذلك أن من أدى الزكاة فقد امتثل أمر الله وعظمه وأظهر الشفقة على خلقه وواساهم بماله فهو قريب من الله وقريب من الناس فلا تكون منزلته إلا الجنة ومن لم يكن كذلك فبالعكس ولذلك كان جاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل كما قال: (ولجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل) فخولف ليفيد أن الجاهل غير العابد السخي أحب إلى الله من العابد العالم البخيل فيا لها من حسنة غطت على عيبين عظيمين ويا لها من سيئة حطت حسنتين خطيرتين على أن الجاهل السخي سريع الانقياد إلى ما يؤمر به من نحو تعلم وإلى ما ينهى عنه بخلاف العالم البخيل
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست