فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٩٩
الأرض وهذا كالمشاهد المحسوس فيمن لازم تلاوته بشرطها من الخشوع والتدبر والإخلاص. قال الزمخشري: فعلى كل ذي علم أن لا يغفل عن هذه المنة والقيام بشكرها (وعليك بطول الصمت) أي الزم السكوت (إلا في خير) كتلاوة وعلم وإنذار مشرف على هلاك وإصلاح بين الناس ونصيحة وغير ذلك (فإنه مطردة للشيطان) أي مبعدة له (عنك) يقال طردته أبعدته كما في الصحاح وغيره وهو مطرود وطريد واطرده السلطان بالألف أمر بإخراجه عن البلد. وقال الزمخشري: طرده أبعده ونحاه وهو شريد طريد ومشرد مطرد. قال ابن السكيت: طرده نفاه وقال له اذهب عنا (وعون لك على أمر دينك) أي ظهير ومساعد لك عليه إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب) أي يغمسه في الظلمات فيصيره كالأموات قال الطيبي: والضمير في أنه وفي فإنه يميت واقع موقع الإشارة أي كثرة الضحك تورث قسوة القلب وهي مفضية إلى الغفلة وليس موت القلب إلا الغفلة (ويذهب بنور الوجه) أي بإشراقه وضيائه وبهائه قال الماوردي: واعتياد الضحك شاغل عن النظر في الأمور المهمة مذهل عن الفكر في النوائب المسلمة وليس لمن أكثر منه هيبة ولا وقار ولا لمن وسم به خطر ولا مقدار وقال حجة الإسلام: كثرة الضحك والفرح بالدنيا سم قاتل يسري إلى العروق فيخرج من القلب الخوف والحزن وذكر الموت وأهوال القيامة وهذا هو موت القلب * (وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع) * (عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمتي) كما تقرر وجهه فيما قبله (أحب المساكين) المراد بهم ما يشمل الفقراء كما سبق في أمثاله (وجالسهم) فإن مجالستهم ترق القلب وتزيد في التواضع وتدفع الكبر (انظر إلى من) هو (تحتك) أي دونك في الأمور الدنيوية (ولا تنظر إلى من) هو (فوقك) فيها (فإنه أجدر) أي أحق وأخلق يقال هو جدير بكذا أي خليق وحقيق (أن لا تزدري نعمة الله عندك) كما سبق بتوجيهه أما في الأمور الأخروية فينظر إلى من فوقه (صل قرابتك) بالإحسان إليهم (وإن قطعوك) فإن قطيعتهم ليست عذرا لك في قطيعتهم (قل الحق) أي الصدق يعني مر بالمعروف وانه عن المنكر (وإن كان مرا) أي وإن كان في قوله مرارة أي مشقة على القائل فإنه واجد أي ما لم يخف على نفسه أو ماله أو عرضه مفسدة فوق مفسدة المنكر الواقع. قال الطيبي: شبه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمن يأباه بالصبر فإنه مر المذاق لكن عاقبته محمودة. قال بعض العارفين: من أمراض النفس التي يجب التداوي منها أن يقول الإنسان أنا أقول ولا أبالي وإن كره المقول له من غير نظر إلى الفضول
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست