فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ١٠٣
2796 (أوصيكم بالجار) أي بالإحسان إليه وكف صنوف الأذى والضرر عنه وإكرامه بسائر الممكن من وجوه الإكرام لما له من الحق المؤكد الذي ما يزال جبريل عليه السلام يؤكد فيه حتى كاد يورثه قال بعض العارفين: احفظ حق الجوار والجار وقدم الأقرب دارا وتفقدهم بما أنعم الله به عليك فإنك مسؤول وادفع عنهم الضرر وأردف عليهم الإحسان وما سمي جارا لك إلا لميلك بالإحسان له ودفع الضرر عنه وميله لك بذلك من جار إذا مال إذ الجور الميل فمن جعله من الميل إلى الباطل الذي هو الجور عرفا فهو كمن يسمي اللديغ سليما في القبض وإن كان الجار من أهل الجور أي الميل إلى الباطل بكفر أو فسق فلا يمنعك ذلك من رعاية حقه. قيل: نزل جراد بفناء شريف من العرب فخرج أهل الحي ليأكلوه فسمع أصواتهم فخرج من خبائه وقال: ما تبغون قالوا: جارك الجراد فقال: إذ سميتموه جاري لأقاتلنكم عنه فقاتلهم حتى دفع عنه لكونهم سموه جارا (الخرائطي في) كتاب (مكارم الأخلاق عن أبي أمامة) الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته الجذعاء في حجة الوداع يقول أوصيكم بالجار حتى أكثر فقلنا إنه سيورثه انتهى وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من الخرائطي وهو غفلة فقد رواه الطبراني باللفظ المزبور عن أبي أمامة المذكور قال المنذري والهيثمي وإسناده جيد.
2797 (أوفق الدعاء) أي أكثره موافقة للداعي (أن يقول الرجل) في دعائه وذكر الرجل وصف طردي والمراد الإنسان رجلا أو امرأة (اللهم أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي يا رب فاغفر لي ذنبي إنك أنت ربي) لا رب غيرك (وإنه) أي الشأن أنه (لا يغفر الذنوب إلا أنت) لأنك السيد المالك إن غفرت فبفضلك وإن عاقبت فبعدلك وإنما كان هذا أوفق الدعاء لما فيه من الاعتراف بالظلم وارتكاب الجرم ثم الالتجاء إليه تعالى مضطرا لا يجد لذنبه غافرا غير ربه * (وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) * (محمد بن نصر في الصلاة) أي في كتاب الصلاة له (عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
2798 (أوفوا) من الوفاء قال القاضي: وهو القيام بمقتضى العهد وكذا الإيفاء (بحلف الجاهلية (1) أي العهود التي وقعت فيها مما لا يخالف الشرع قال الحرالي: والإيفاء الأخذ بالوفاء (1) قال في النهاية أصل الحلف المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات فذلك الذي ورد النهي عنه بقوله صلى الله عليه وسلم لاحلف في السلام وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام فهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده إلا شدة يريد المعاقدة على الخير ونصرة الحق.
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست