فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ١١٠
من الظالم ويفصل القضاء بينهما وإلا فمن شعائر الإيمان الكف عن أذى الجيران وعدم منازعتهم ومعارضتهم فيما يصدر منهم وعنهم من الأضرار وسوء [ص 85] العشرة والجوار ويجب أن تعلم أن ذلك ليس إلا بتسليط الله إياهم عليك لما تستوجبه أفعالك الذميمة وما يعفو الله أكثر فالحذر من المنازعة الحذر قال العارف ابن عربي: يا أيها المجادل كم ذا تتعنى ما ذاك إلا لخوفك من العدد وهذا لا يبطل حقيقة الواحد الأحد ولو علمت أن العدد هو الأحد ما شرعت في منازعة أحد (طب) وكذا أحمد (عن عقبة بن عامر) قال العراقي: سنده ضعيف وقال المنذري رواه أحمد والطبراني بإسنادين أحدهما جيد وقال الهيثمي: أحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح غير أبي نسافة وهو ثقة وأعاده بمحل آخر وقال: إسناده حسن.
2813 (أول زمرة) بضم الزاي طائفة أو جماعة والزمر الأفواج المتفرقة بعضها إثر بعض (تدخل الجنة على صورة القمر) أي على صورة مثل صورة القمر (ليلة البدر) ليلة تمامه وكماله في الحسن والإضاءة (والثانية) أي التي تدخل عقبهم تكون (على لون أحسن كوكب دري) بضم الدال وكسرها وراء وياء مشددتين أي مضئ متلألئ كالزهرة في صفائها وزهرتها منسوب إلى الدر أو فعيل من الدرء بالهمزة فإنه يدفع الظلام بضوئه (في السماء) قال المحقق أبو زرعة: ورد في هذا المعنى ما يقتضي ما هو أبلغ من صورة القمر فروى الترمذي مرفوعا لو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدت أساوره لطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم وقد يقال إنهم يكونون على صورة القمر عند دخولهم الجنة ثم يزداد إشراق نورهم فيها بدليل قوله لو أن رجلا إلخ أو يقال المذكور هنا إشراق وجوههم من غير حلي والمذكور ثم إشراق حليهم بدليل قوله فبدت أساوره فالزيادة للحلي لا للوجود (لكل رجل منهم زوجتان) في رواية اثنتان لتأكيد التكثير. قال الطيبي: ثناه للتكثير نحو * (ارجع البصر كرتين) * لا للتحديد لخبر أدنى أهل الجنة الذي له ثنتان وسبعون زوجة فاعترض بأن تأكيد المثنى باثنتين ورجع ضمير التثنية إليه يدل على أن القصد معنى الإثنينية فلا يبعد أن يكون لكل زوجتان موصوفتين أن (على كل زوجة) منهما (سبعون حلة) يعني حلل كثيرة جدا فالعدد للتكثير لا للتحديد كنظائره بحيث (يبدو مخ ساقها من ورائها) زاد الطبراني كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء وهو كناية عن غاية لطافتهما ويكون له سبعون لسن بهذا الوصف ثم إن هذا اللفظ محتمل لكونهما من نساء الدنيا أو الحور ويؤيد الأول خبر أبي يعلى فيدخل الرجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ الله واثنتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله بعبادتهما وبعده فلا تعارض بين ذا وخبر أقل ساكني الجنة النساء لأنهن في الجنة باعتبار الحور وأقل ساكنيها نساء الدنيا فنساء الدنيا أقل أهل
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست