فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٩٦
للقانون وكافا عن الاسترسال بحكم الهوى وتسكينا لثائرة الدماء وثائرة الغوغاء أولهم آدم وآخرهم عيسى والكل خليفة لكن من أطاع الله فهو خليفة له ومن أطاع الشيطان فهو خليفة للشيطان. (تنبيه) ذهب الصوفية إلى أن الخليفة على الحقيقة بعده القطب قال العارف ابن عربي: حضرت الخلافة التي هي محل الإرث والأنبياء انتشرت راياتها ولاحت أعلامها وأذعن الكل لسلطانها ثم خفيت بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلا تظهر أبدا إلى يوم القيامة عموما لكن قد تظهر خصوصا، فالقطب معلوم غير معين وهو خليفة الزمان ومحل النظر والتجلي ومنه تصدر الآثار على ظاهر العالم وباطنه وبه يرحم ويعذب وله صفات إذا اجتمعت في خليفة عصر فهو القطب وإلا فهو غيره ومنه يكون الإمداد لملك ذلك العصر (هق عن أبي أمامة) قال الذهبي: في المذهب وهذا لم يخرجوه.
2788 (أوصيك أن لا تكون لعانا) أي أن لا تلعن معصوما فيحرم لعن المعصوم المعين فإن اللعنة تعود على اللاعن كما في خبر سبق وصيغة المبالغة هنا غير مرادة (حم تخ طب) كلهم من طريق عبيد الله بن هودة الفريعي عن رجل من هجيم (عن جرموز) بالجيم الفريعي البصري قال: قلت، يا رسول الله أوصني فذكره وجرموز قال ابن السكن وابن أبي حاتم: له صحبة ونسبه ابن قانع فقال جرموز (بن أوس) بن جرير الهجيمي قال ابن حجر: ورأيت في رواية قال ابن هودة قال: حدثني جرموز فذكره فلعله سمعه عنه بواسطة ثم سمعه منه والرجل المبهم في الرواية الأولى جزم البغوي وابن السكن بأنه أبو تميمة الهجيمي. اه‍ وقال الحافظ العراقي: لم يستحضره حيث قال في المغني فيه رجل لم يسم واقتصر على ذلك وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني من طريق عبيد الله بن هودة عن رجل عن جرموز وهي طريق رجالها ثقات وجرموز له صحبة.
2789 (أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح من قومك) قال ابن جرير : هذا أبلغ موعظة وأبين دلالة بأوجز إيجاز وأوضح بيان إذ لا أحد من الفسقة إلا وهو يستحي من عمل القبيح عن أعين أهل الصلاح وذوي الهيئات والفضل أن يراه وهو فاعله والله مطلع على جميع أفعال خلقه فالعبد إذا استحى من ربه استحياءه من رجل صالح من قومه تجنب جميع المعاصي الظاهرة والباطنة فيا لها من وصية ما أبلغها وموعظة ما أجمعها. (تنبيه) قال الراغب: حق الإنسان إذا هم بقبيح أن يتصور أحدا من نفسه كأنه يراه فالإنسان يستحي ممن يكبر في نفسه ولذلك لا يستحي من الحيوان ولا من الأطفال ولا من الذين لا يميزون ويستحي من العالم أكثر مما يستحي من الجاهل ومن الجماعة أكثر ما يستحي من الواحد والذين يستحي منهم الإنسان ثلاثة: البشر ثم نفسه ثم الله تعالى ومن استحى
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست