حواسه إلى قلبه ويحضر في لبه كل جارحة فيه وينطق بلسانه عن جميع ذوات أحوال جوارحه حتى تأخذ كل جارحة منه قسطها منها وبذلك تنحات عنه الذنوب كما يتحات الورق عن الشجر فلم يقرأ القرآن من لم يكن ذا حاله ولم يذكر من لم يكن كذلك ذكره الحرالي وغيره (حم عن أبي سعيد) قال الهيثمي:
رجاله ثقات.
2792 (أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيته) أي في باطنه وظاهره والقصد الوصية بإخلاص التقوى وتجنب الرياء فيها قال حجة الإسلام: وإذا أردنا تحديد التقوى على موضع علم السر نقول الحد الجامع تبرئة القلب عن شر لم يسبق عنك مثله بقوة العزم على تركه حتى يصير كذلك وقاية بينك وبين كل شر قال: وهنا أصل أصيل وهو أن العبادة شطران اكتساب وهو فعل الطاعات واجتناب وهو تجنب السيئات وهو التقوى وشطر الاجتناب أصلح وأفضل وأشرف للعبد من الاكتساب يصوموا نهارهم ويقوموا ليلهم واشتغل المنتبهون أولو البصائر والاجتناب إنما همتهم حفظ القلوب عن الميل لغيره تعالى والبطون عن الفضول والألسنة عن اللغو والأعين عن النظر إلى ما لا يعنيهم (وإذا أسأت فأحسن) * (إن الحسنات يذهبن السيئات) * (ولا تسألن أحدا) من الخلق (شيئا) من الرزق ارتقاء إلى مقام التوكل فلا تعلق قلبك بأحد من الخلق بل بوعد الله وحسن كفايته وضمانه * (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) * وقد قال أهل الحق: ما سأل إنسان الناس إلا لجهله بالله تعالى وضعف يقينه بل إيمانه وقلة صبره وما تعفف متعفف إلا لوفور علمه بالله وتزايد معرفته به وكثرة حيائه منه (ولا تقبض أمانة) وديعة أو نحوها مصدر أمن بالكسر أمانة فهو أمين ثم استعمل في الأعيان مجازا فقيل الوديعة أمانة ونحو ذلك والنهي للتحريم إن عجز عن حفظها وللكراهة إن قدر ولم يثق بأمان نفسه وإن وثق بأمانة نفسه فإن قدر ووثق ندب بل إن تعين وجب (ولا تقض بين اثنين) لخطر أمر القضاء وحسبك في خطره خير من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين والخطاب لأبي ذر وكان يضعف عن ذلك كما صرح به في الحديث (حم عن أبي ذر) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح وفيه قضية اه. وقضية كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل سقط منه بعد ولا تسأل أحدا وإن سقط سوطك هكذا هو ثابت في رواية أحمد وكأنه سقط من القلم.
2793 (أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله وعليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه ذكر لك في السماء) يعني يذكرك الملأ الأعلى بسببه بخير (ونور لك في الأرض) أي بهاء وضياء يعلو بين أهل