فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٥٠٠
لأن السامع لما لا يفهمه يعتقد استحالته جهلا فلا يصدق وجوده بل يلزم التكذيب فأفاد أن المتشابه لا ينبغي ذكره عند العامة وقد ذكر ابن عبد السلام في أماليه أن الولي إذا قال إن الله عزر التعزير الشرعي ولا ينافي ذلك الولاية لأنهم غير معصومين انتهى فعلم أن المدرس ينبغي أن يكلم كل طالب على قدر فهمه وعقله فيجيبه بما يحتمله حاله ومن اشتغل بعمارة أو تجارة أو مهنة فحقه أن يقتصر به من العلم على قدر ما يحتاج إليه من هو في رتبته من العامة وأن يملأ نفسه من الرغبة والرهبة الوارد بهما القرآن ولا يولد له الشبه والشكوك فإن اتفق اضطراب نفس بعضهم بشبهة تولدت له أو ولدها له ذو بدعة فتاقت إلى معرفة حقيقتها اختبره فإن وجده ذا طبع موفق للعلم وفهم ثابت وتصور صائب خلى بينه وبين التعلم وسوعد عليه لما يجد من السبيل إليه وإن وجده شريرا في طبعه أو ناقصا في فهمه منعه أشد المنع ففي اشتغاله مفسدتان تعطله عما يعود نفعه إلى العباد والبلاد وشغله بما يكثر من شبهة وليس فيه منفعة وكان بعض المتقدمين إذا ترشح أحدهم لمعرفة حقائق العلوم والخروج من العامة إلى الخاصة اختبر فإن لم يوجد خيرا أو غير منتهى للتعلم منع وإلا شورط على أن يقيد بقيد في دار الحكمة ويمنع أن يخرج حتى يحصل العلم أو يأبى عليه الموت ويقولون إن من شرع في حقائق العلوم ثم لم يبرع فيها تولدت له الشبه وتكثر عليه فيصير ضالا مضلا فيعظم على الناس ضرره وبهذا النظر قيل نعوذ بالله من نصف فقيه أو متكلم (فر عن علي) أمير المؤمنين مرفوعا (وهو في خ موقوفا) على علي بن أبي طالب وهذا بمعنى خبر الحسن بن سفيان عن الحبر يرفعه أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم وسنده كما قال ابن حجر ضعيف جدا لا موضوع.
3694 (حدثني جبريل قال: يقول الله تعالى لا إله إلا الله حصني) مكان لا يقدر عليه لارتفاعه والحصين المنيع وتحصن دخل الحصن واحتمى به (فمن دخله أمن عذابي) قال الغزالي: فمن أراد دخول ذلك الحصن فليجمع آداب النطق بكلمة الشهادة بأن يجمع جميع حواسه إلى قلبه ويحضر في فؤاده كل جارحة فيه وينطق بلسانه عن جميع ذات وأحوال نفس وجوارح بدن حتى يأخذ كل عضو منه وكل جارحة منه قسطه منها فلم ينطق من لم يكن حاله ذلك فيها (ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين.
3695 (حذف السلام) بمهملة فمعجمة أي الإسراع به وعدم مده (سنة) قال ابن الأثير في النهاية: معناه لا يمد ولا يعرب بل يسكن آخره (1) وتبعه المحب الطبري قال ابن حجر: وهو مقتضى كلام الرافعي في الاستدلال به على أن التكبير جزم لا يمد وفيه نظر لأن استعمال لفظ الجزم في مقابل
(٥٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 ... » »»
الفهرست