فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٥١١
طبعا واعتيادا وتعلمها فهو في غاية النفاسة هذا ويحسن تشبيه النفس التي تعتريها الأخلاق الذميمة والحميدة ببدن تعتريه الأمراض البدنية والصحة التي بها انتظام المعائش والأمور الأخروية فكما لكل مرض بدني من علاج فلا بد لكل مرض قلبي يعبر عنه بالخلق الدنئ ويعبر عن علاجه بتبديله بخلق سني فالجهل مرض وعلاجه بالعلم والبخل مرض وعلاجه بالسخاء والكبر مرض وعلاجه بالتواضع والشهوة مرض وعلاجه بالكف عن المشتهى، وهكذا كل علاج لا بد فيه من مرارة فمن أراد شفاء القلب فعليه باحتمال مرارة المجاهدة التي هي معراج المشاهدة، ومن ثم قالوا: المشاهدات مواريث المجاهدات التي هي معراج، فجاهد تشاهد، وزوال مرض القلوب أهم مطلوب إذ به ينال المحبوب، والقلوب هي الجواهر وبصونها عن أمراضها يحصل جميع أغراضها ومعرفة جواهر الأشياء من أعراضها وصون حقوق الآدميين كدمائها وأموالها وأعراضها، وبمعرفة ذلك تتميز قيم أفراد الإنسان وإن اختلفت نفسه بحسب إقبالها وإعراضها (د) في الأدب من طريق بقية عن عثمان بن زفر عن محمد بن خالد بن رافع (عن رافع بن مكيث) بفتح الميم وكسر الكاف بعدها تحتية ثم مثلثة الجهني شهد الحديبية كذا في الكاشف وقيل بل هو تابعي فهو مرسل وفيه بقية وفيه مقال معروف اه‍. وقال في الإصابة: الحارث بن مكيث أرسل حديثا فذكره بعضهم في الصحابة وقد ذكره ابن حبان في ثقات التابعين.
3723 (حسن الملكة نماء) بالفتح والتخفيف والمد أي زيادة رزق وأجر وارتفاع مكانة عند الله تعالى يقال فلان حسن الملكة إذا كان حسن الصنيع إلى مماليكه (وسوء الخلق) مع المملوك (شؤم) والشؤم يورث الخذلان ودخول النيران، قال يحيى بن معاذ: سوء الخلق سيئة لا ينفع معها كثرة الحسنات، وحسن الخلق حسنة لا يضر معها كثرة السيئات (والبر زيادة في العمر) معنى زيادته بركته أو أراد أنه سبحانه جعل ما علم منه من البر سببا لزيادة عمره ونماء وزيادة باعتبار طوله كما جعل التداوي سببا للصحة (والصدقة تمنع ميتة السوء) الميتة الحالة التي يكون عليها الإنسان من موته وميتة السوء أن يموت على وجه النكال والفضيحة ككونه سكرانا أو بغير توبة أو قبل قضاء دينه أو غير ذلك (حم طب عن رافع بن مكيث) قال الهيثمي: فيه رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات.
3725 (حسن الملكة يمن) قال البغدادي: الملكة القدرة والتسلط على الشئ، والمراد هنا المماليك والعبيد، وحسن الملكة الرفق بهم ولا يحملون ما لا يطيقون والتعهد لمهماتهم والعفو عن زللهم، وعن ذلك ينشأ النماء والبركة، وفي ضده الصرم والهلكة (وسوء الخلق) أي معهم (شؤم) قال القاضي: الملكة والملك واحد غير أن الملكة يغلب استعمالها في المماليك وحسن رعاية المماليك والقيام بحقوقهم وحسن الصنيع، واليمن البركة والمعنى أنه يوجبه إذ الغالب أنهم إذا راقبهم السيد وأحسن إليهم كانوا أشفق عليه وأطوع له وأسعى في حقه وكل ذلك يؤدي إلى اليمن والبركة وسوء الخلق يورث البغض والنفرة ويثير اللجاج والعناد وقصد الأنفس والأموال بما يضر (وطاعة المرأة ندامة) أي غم لازم لسوء آثاره (والصدقة تدفع القضاء السوء) (تنبيه) حاول بعضهم جمع الأخلاق الحسنة فقال الإحسان والاخلاص والإيثار واتباع السنة والاستقامة والاقتصاد في العبادة والمعيشة والاشتغال بعيب النفس عن عيب الناس والانصاف وفعل الرخص أحيانا والاعتقاد مع التسليم والافتقار الاختياري والإنفاق بغير تقتير وإنفاق المال لصيانة العرض والأمر بالمعروف وتجنب الشبهة واتقاء ما لا بأس به لما به بأس وإصلاح ذات البين وإماطة الأذى عن الطريق والاستشارة والاستخارة والأدب والاحترام
(٥١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 ... » »»
الفهرست