فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ١٦٣
2911 (إياكم والتعري) أي التجرد عن اللباس وكشف العورة حرام إن كان ثم من يحرك نظره إليه وأما إن كان في خلوة فإن كان لغرض جاز وإن كان لغير غرض حرم كشف السوءتين فقط (فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله) أي يجامع حليلته يريد الكرام الكاتبين (فاستحيوهم) أي استحيوا منهم (وأكرموهم) بالتستر بحضرتهم وعدم هتك حرمتهم (ت) في الاستئذان (عن ابن عمر) ابن الخطاب، وقال حسن غريب قال ابن القطان: ولم يبين لم لا يصح وذلك لأن فيه ليث بن أبي سليم والترمذي نفسه دائما يضعفه ويضعف به.
2912 (إياكم وسوء ذات البين) أي التسبب في المخاصمة والمشاجرة بين اثنين أو قبيلتين بحيث يحصل بينهما فرقة أو فساد والبين من الأضداد الوصل والفراق (فإنها الحالقة) أي الماحية للثواب المؤدية إلى العقاب أو المهلكة من حلق بعضهم بعضا أي قتل مأخوذ من حلق الشعر وقال الزمخشري: الحالقة قطيعة الرحم والتظالم لأنها تجتاح الناس وتهلكهم كما يحلق الشعر يقال: وقعت فيهم حالقة لم تدع شيئا إلا أهلكته اه‍ (ت) في الزهد (عن أبي هريرة) وقال: صحيح غريب انتهى وفيه عبد الله بن جعفر المخزومي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ثقة وقال ابن حبان: يستحق الترك.
2913 (إياكم والهوى فإن الهوى يصم ويعمي) قال الحرالي: الهوى نزوع النفس إلى سفل شهواتها مقابلة معتلي الروح لمنبعث الانبساط لأن النفس ثقيل الباطن بمنزلة الماء والتراب والروح خفيف الباطن بمنزلة الهواء والنار وكان العقل متسع الباطن بمنزلة اتساع النور في كلية الكون علوا وسفلا قاله الحرالي وقال القاضي: الهوى ميل النفس إلى ما تشتهيه والمراد هنا الاسترسال في الشهوات ومطاوعة النفس في كل ما تريد وسمي بذلك لأنه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى الداهية وفي الآخرة إلى الهاوية قال العارف الجنيد: أرقت ليلة وفقدت حلاوة وردي ثم اضطجعت لأنام فتمايلت حيطان البيت وكاد السقف أن يسقط فخرجت فإذا برجل ملتف بعباءة مطروح في الطريق فقال: إلي الساعة قلت: من غير موعد قال: بلى سألت محرك القلوب أن يحرك قلبك. قلت: قد فعل قال: متى يصير داء النفس دواءها قلت: إذا خالف هواها قال: يا نفس اسمعي أجبتك به مرات فأبيت إلا أن تسمعيه من الجنيد ثم انصرف اه‍ وقال الماوردي: الهوى عن الخير صاد وللعقل مضاد ينتج من الأخلاق قبائحها ويظهر من الأفعال فضائحها ويجعل ستر المروءة مهتوكا ومدخل الشر مسلوكا (السجزي) في كتاب (الإبانة) عن أصول الديانة (عن ابن عباس)
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست