فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ١٧٤
بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل [ص 135] لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجاتكم) والنهي مخصوص باتخاذ ظهورها مقاعد لغير حاجة أما لحاجة لا على الدوام فجائزة بدليل أن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم خطب على ناقته وهي واقفة (د عن أبي هريرة) قال ابن القطان: ليس مثل هذا الحديث يصح لأن فيه أبا مريم مولى أبي هريرة ولا يعرف له حال ثم قيل هو رجل واحد وقبل رجلان وكيفما كان فحاله أو حالهما مجهولة فمثله لا يصح.
2936 (أيام التشريق) وهي الثلاثة بعد يوم العيد سميت به لأن لحم الأضاحي يشرق فيها بمنى أي يقدد ويبرز للشمس وقيل يوم العيد من أيام التشريق فتكون أربعة وعلى الأول لم يعد يوم النحر منها لأن له اسما خاصا وإلا فالمعنى المقدر يشمله وهو المذكور في قوله (أيام أكل وشرب) بضم الشين وفتحها هكذا ذكره بعض الشراح لكن حكى ابن السمعاني عن أبيه عن أبي الغنائم أنه إنما هو بالفتح فحسب واستشهد بقوله سبحانه وتعالى: * (فشاربون شرب الهيم) * وأقره التاج السبكي وقال أبو البقاء: الأفصح الأقيس فتح الشين وهو مصدر كالأكل وأما ضمها وكسرها ففيه لغتان في المصدر أيضا والمحققون على أن الضم والكسر اسمان للمصدر لا مصدر (وذكر الله) أي أيام يأكل الناس فيها ويشربون ويذكرون فإضافة الأيام إلى الأكل والشرب والذكر إضافة تخصيص قال الأشرفي: وعقب الأكل والشرب يذكر الله لئلا يستغرق العبد في حظوظ نفسه وينسى في هذه الأيام حقوق الله وقال الطيبي: هذا من باب التتميم فإنه لما أضاف الأكل والشرب إلى الأيام أوهم أنها لا تصلح إلا للدعة والأكل والشرب لأن الناس في هذه الأيام ينبسطون فتدارك بقوله وذكر الله لئلا يستغرقوا أوقاتهم باللذات النفسانية فينسوا نصيبهم من الروحانية ونظيره في التتميم للصيانة قول الشاعر:
فسقي ديارك غير مفسدها * صوب السحاب وديمة تهمي وقال جمع: إنما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ك لأن القوم زوار الله وهم في ضيافته في هذه الأيام وليس للمضيف أن يصوم دون إذ من أضافه كذا علله أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه فيما رواه عن البيهقي بسند مقبول واقتفاه في ذلك أكابر الأئمة فقالوا: سر ذلك أنه تعالى دعى عباده إلى زيارة بيته فأجابوه وقد أهدى كل على قدر وسعه ومبلغ طاقته وذبحوا هديهم فقبله منهم واتخذ لهم منه ضيافة ونصب لهم مائدة جمعهم عليها وأطعمهم مما تقربوا به إليه والضيافة ثلاثة أيام فأوسع زواره طعاما وشرابا ثلاثة أيام وسنة الملوك أنهم إذا أضافوا أطعموا من على الباب كما يطعمون من في الدار والكعبة هي الدار وسائر الأقطار باب الدار فعم الله الكل بضيافته فقال: * (فكلوا منها وأطعموا) * ومذهب الشافعي أن صوم التشريق حرام ولا ينعقد وحرمه أبو حنيفة وعقده وجوزه مالك وأحمد للمتمتع العادم للهدي (حم م) في الصوم (عن نبيشة) بضم النون وفتح الموحدة وياء تحتية وشين معجمة وهو
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست