فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ١٦٧
2920 (إياكم والتمادح) وفي رواية والمدح (فإنه الذبح) لما فيه من الآفة في دين المادح والممدوح وسماه ذبحا لأنه يميت القلب فيخرج من دينه وفيه ذبح للممدوح فإنه يغره بأحواله ويغريه بالعجب والكبر ويرى نفسه أهلا للمدحة سيما إذا كان من أبناء الدنيا أصحاب النفوس وعبيد الهوى وفي رواية فإنه من الذبح وذلك لأن المذبوح هو الذي يفتر عن العمل والمدح يوجب الفتور أو لأن المدح يورث العجب والكبر وهو مهلك كالذبح فلذلك شبه به قال الغزالي رحمه الله: فمن صنع بك معروفا فإن كان ممن يحب الشكر والثناء فلا تمدحه لأن قضاء حقه أن لا تقره على الظلم وطلبه للشكر ظلم، وإلا فأظهر شكره ليزداد رغبة في الخير وأما ما مدح به المصطفى صلى الله عليه وسلم فقد أرشد إلى ما يجوز من ذلك بقوله لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى اه‍. ويستثنى منه أيضا ما جاء عن المعصوم كالألفاظ التي وصف بها المصطفى صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه كقوله نعم العبد عبد الله (ه عن معاوية) بن أبي سفيان ورواه عنه أيضا أحمد وابن منيع والحارث والديلمي.
2921 (إياكم) وفي رواية إياكن وهو ظاهر لأنه وقع خطابا لنساء عثمان بن مظعون لما مات كما في النهاية وغيرها (ونعيق الشيطان) يعني الصياح والنوح وأضيف للشيطان لأنه الحامل عليه (فإنه مهما يكن من العين والقلب فمن الرحمة وما يكون من اللسان واليد فمن الشيطان) أي هو الآمر والموسوس به وهو مما يحبه ويرضاه ولفظ رواية مسند أحمد إياكن ونعيق الشيطان وهو من عنقه إذا أخذ بعنقه وعصر في حلقه ليصيح فجعل صياح النساء عند المصيبة مسببا عن الشيطان لحمله لهن عليه (الطيالسي) أبو داود (عن ابن عباس) وفيه علي بن زيد بن جدعان وقد سبق بيان حاله ورواه عن أنس أيضا أحمد وابن منيع والديلمي.
2922 (إياكم والجلوس في الشمس فإنها تبلي الثوب وتنتن الريح وتظهر الداء الدفين) أي المدفون في البدن فالقعود فيها منهي عنه إرشادا لضرره وقد صرح بذلك جمع من الأطباء وقال الحارث بن كلدة: إياكم والقعود في الشمس فإن كنتم لا بد فاعلين فتنكبوها بعد طلوع النجم أربعين يوما ثم أنتم وهي سائر السنة (ك) في الطب من حديث محمد ابن زياد الطحان عن ميمون بن مهران (عن ابن عباس) وتعقب الذهبي على الحاكم بأنه من وضع الطحان انتهى فكان ينبغي للمصنف حذفه.
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست