فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٩٤
بالصديق، فأشار إلى أن الأولى التوسط بين حالتي تركه وفعله (فر عن عائشة) رمز المصنف لضعفه، ووجهه أن فيه محمد بن عمار بن حفص قال الذهبي لينه البخاري وحارثة بن محمد تركوه.
1362 - (أقم الصلاة) عدل أركانها واحفظها عن وقوع زيغ في أفعالها من أقام العود إذا قومه، وقامت السوق (وأد الزكاة) إلى مستحقيها (وصم رمضان) حيث لا عذر من مرض أو سفر (وحج البيت) الكعبة (واعتمر) أي ائت بالعمرة إن استطعت إلى ذلك سبيلا (وبر والديك)، أي أحسن إليهما وأمك آكد (وصل رحمك) أي قرابتك وإن بعدت (وأقر (1) الضيف) الذي نزل بك (وأمر بالمعروف) أي بما عرف من الطاعة والدعاء إلى التوحيد والأمر بالعبادة والعدل (وانه عن المنكر) أي ما أنكره الشرع من المعاصي والفواحش (وزل مع الحق حيث زال) أي در معه كيفما دار. وفيه حجة لمن ذهب لوجوب العمرة (تخ ك) في البر والصلة (عن ابن عباس)، قال الحاكم صحيح واغتر به المصنف فرمز لصحته وما درى أن الذهبي رد على الحاكم تصحيحه بأن فيه محمد بن سليمان بن مسمول ضعيف.
1363 - (أقيلوا) أيها الأئمة: من الإقالة، وهي الترك (ذوي الهيئات) جمع هيئة. قال القاضي وهي في الأصل صورة أو حالة تعرض لأشياء متعددة فتصير بسببها مقول عليها أنها واحدة ثم أطلق على الخصلة فيقال لفلان هيئات أي خصال، والمراد هنا أهل المروءة والخصال الحميدة التي تأتي عليهم الطباع وتجمع بهم الإنسانية والألفة أن يرضوا لأنفسهم بنسبة الفساد والشر إليها (عثراتهم) زلاتهم:
أي ذنوبهم. وهل هي الصغائر أو أول زلة ولو كبيرة صدرت من مطيع؟ وجهان للشافعية وكلام ابن عبد السلام مصرح بترجيح الأول، فإنه عبر بالصغائر، ويقال لا يجوز تعزير الأولياء على الصغائر، وزعم سقوط الولاية بها جهل قبيح، ونازعه الأذرعي بما ليس بصحيح (إلا الحدود) أي إلا ما يوجب الحدود، إذا بلغت الإمام وإلا الحقوق البشرية فإن كلا منهما يقام فالمأمور بالعفو عنه هفوة أو زلة لا حد فيها وهي من حقوق الحق فلا يعزر عليها وإن رفعت إليه. نعم يندب لمن جاءه نادم أقر بموجب حد أن يأمره بستر نفسه ويشير إليه بالكتم كما أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم ماعزا والغامدية وكما لم يستفصل من قال: أصبت حدا فأقمه علي. قال البيضاوي: وقوله إلا الحدود إن أريد بالعثرات صغائر الذنوب وما يندر عنهم من الخطايا، فالاستثناء منقطع، أو الذنوب مطلقا وبالحدود ما يوجبها فالاستثناء متصل.
وخرج بذوي الهيئات من عرف بالأذى والعناد بين العباد فلا يقال له عثار بل تضرم عليه النار (حم خدد) وكذا النسائي كلهم (عن عائشة) قال المنذري وفيه عبد الملك بن زيد العدوي ضعيف، وقال

(١) في المصباح قربت الضيف أقربه من باب رمى قرى بالكسر والقصر. اه‍.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»