عربي: إنما شرعت الصفوف في الصلاة ليتذكر الإنسان بها وقوفه بين يدي الله تعالى يوم القيامة في ذلك الموطن المهول والشفعاء من الأنبياء والملائكة والمؤمنين بمنزلة الأئمة في الصلاة يتقدمون الصفوف وصفوفهم في الصلاة كصفوف الملائكة عند الله، وقد أمرنا الحق تعالى أن نصطف في الصلاة كما تصف الملائكة وإن كانت الملائكة لا يلزم من خلل صفها - لو اتفق أن يدخلها خلل: أعني ملائكة السماء - دخول الشياطين، لأن السماء ليست بمحل لهم وإنما يتراصون لتناسب الأنوار حتى يتصل بعضها ببعض فتنزل متصلة إلى صفوف المصلين فتعمهم تلك الأنوار، فإن كان في صف المصلين خلل دخلت فيه الشياطين أحرقتهم تلك الأنوار (عب عن زيد بن أسلم) بفتح الهمزة واللام (مرسلا) الفقيه العمري. قال ابن عجلان: ما هبت أحدا مثله، وقال الأعرج لا يريني الله يومه (وعن عثمان بن عفان موقوفا) عليه.
1367 - (أقيموا الصفوف فإنما تصفون بصفوف الملائكة) جاء بيانه في خبر كيف تصف الملائكة؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة ويتراصون (وحاذوا) قابلوا (بين المناكب) أي اجعلوا منكب كل مسامتا لمنكب الآخر (وسدوا الخلل) بفتحتين: الفرج التي في الصفوف (ولينوا) بكسر فسكون من لان يلين لينا فهو لين. ومنه خبر: خياركم ألينكم مناكب، فأفعل التفضيل لا يستعمل إلا من ثلاثي (بأيدي إخوانكم) أي إذا جاء من يريد الدخول في الصف فوضع يده على منكبه لان وأوسع له ليدخل. ومن زعم أن معنى لين المنكب السكون والخشوع فقد أبعد (ولا تذروا) لا تتركوا (فرجات) بالتنوين جمع فرجة، وهي كل فرجة بين شيئين (للشيطان) إبليس أو أعم. وفيه إيماء إلى منع كل سبب يؤدي لدخوله كما أمر بوضع يده على فيه عند التثاؤب (ومن وصل صفا) بوقوفه فيه (وصله الله) برحمته ورفع درجته وقربه من منازل الأبرار ومواطن الأخيار (ومن قطع صفا) بأن كان فيه فخرج منه لغير حاجة أو جاء إلى صف وترك بينه وبين من بالصف فرجة بلا حاجة (قطعه الله) أي أبعده من ثوابه ومزيد رحمته، إذ الجزاء من جنس العمل، فيسن انضمام المصلين بعضهم لبعض ليس بينهم فرجة ولا خلل كأنهم بنيان مرصوص (تنبيه) قال ابن حجر: قد ورد الأمر بتعديل الصف وسد خلله والترغيب في ذلك في أحاديث كثيرة أجمعها هذا الحديث (حم د طب عن ابن عمر) بن الخطاب وصححه ابن خزيمة والحاكم.
1368 - (أقيموا الصفوف في الصلاة) عدلوها وسووها باعتدال القائمين بها: من أقام العود إذا