1359 - (أقل) ندبا وإرشادا (الخروج) أي من الخروج من محلك (بعد هدأة) بفتح فسكون (الرجل) بكسر فسكون: أي بعد سكون الناس عن المشي في الطريق ليلا، والهدوء السكون (فإن لله تعالى دواب ينبثهن) أي يفرقهن وينشرهن (في الأرض تلك الساعة) أي بالليل فإذا خرجتم، تلك الساعة فإما أن تؤذوهم أو يؤذوكم: أي يؤذي بعضكم بعضهم وبعضهم بعضكم، فالأحوط الأسلم الكف عن الانتشار ساعتئذ. وعبر بقوله أقل دون لا تخرج إشارة إلى أن الخروج لما لابد منه مأذون فيه، فالمأمور بالكف عنه ما عنه بد فحسب (ك) في الأدب (عن جابر) وقال على شرط مسلم وأقره الذهبي ورواه عنه أيضا أحمد وأبو داود.
1360 - (أقل الدخول على الأغنياء) بالمال (فإنه) أي إقلال الدخول عليهم (أحرى) أي أجدر وأليق (أن لا تزدروا) وتحتقروا وتنتقصوا (نعم الله عز وجل) التي أنعم بها عليكم لأن الإنسان حسود غيور بالطبع، فإذا نظر إلى ما من الله به على غيره حملته الغيرة والحسد والكفران والسخط وعبر بأقلوا دون لا تدخلوا لأنه قد تدعو إلى الدخول حاجة ولهذا قال ابن عون: صحبت الأغنياء فلم أر أحدا أكثرهما مني. أرى دابة خيرا من دابتي، وثوبا خيرا من ثوبي، وصحبت الفقراء فاسترحت. وفي الحديث ندب التقليل من الدنيا والاكتفاء بالقليل كما كان عليه السلف، ومن مفاسد مخالطة الأغنياء الاستكثار من الدنيا والتشبه بهم في جمع الحطام والاشتغال بذلك عن عبادة الرب المالك (حم د ن عن عبد الله بن الشخير) بكسر الشين وشد الخاء المعجمتين: ابن عوف العامري صحابي من مسلمة الفتح ورواه عنه أيضا باللفظ المذكور الحاكم وصححه وأقره الذهبي، لكن جابر بن يزيد أحد رجاله، قال أبو زرعة: لا أعرفه.
1361 - (أقلي) خطاب لعائشة، والحكم عام (من المعاذير) أي لا تكثري من إبداء الأعذار لمن تعتذرين إليه لأنه قد يورث ريبة أو تهمة أو يجدد حادثا، كما أن المعتذر إليه لا ينبغي أن يكثر من العتاب كما قيل:
إلى كم يكون العتب في كل ساعة * ولم لا تملين القطيعة والهجرا رويدك إن الدهر فيه كفاية * لتفريق ذات البين فانتظر الدهرا (فإن قلت) لم قال أقلي ولم يقل لا تعتذري (قلت) لما أن ترك الاعتذار بالكلية غير لائق لما فيه من الاستهانة بشأن الصديق وقلة المبالاة به، ومن ثم قالت الحكماء: ترك الاعتذار دليل على قلة الاكتراث