فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٧٨
فصم صوم داود فإنه كان أعبد الناس واقرأ القرآن في كل شهر: قلت إني أطيق أفضل من ذلك، قال:
اقرأه في كل عشرين، قلت أطيق أفضل من ذلك قال فاقرأه في كل عشر قلت أطيق أفضل من ذلك قال : فاقرأه في كل سبع ولا تزد على ذلك، قال ابن عمر فشددت فشد علي. 1230 - (اقرأ القرآن في كل أربعين ليلة) ليكون حصة كل يوم نحو مائتي وخمسين آية، وذلك لأن تأخيره أكثر منها يعرضه للنسيان والتهاون به، وقد عهد ورد الأربعين أشياء كثيرة كخلق النطفة لأربعين فعلقة فمضغة لمثلها وبين النفختين أربعين ومكث آدم في طينته وميعاد موسى وسلطان الدجال وغالب النفاس وتمام الرباط وبلوغ الأشد إلى غير ذلك، إلا أن قراءته في أربعين: مدة الضعفاء، ثم يرتقي الحال بسبب القوة إلى ثلاث (ت عن ابن عمرو) بن العاص وحسنه.
1331 - (أقرأ القرآن في خمس) أخذ به جمع من السلف، فاستحبوا الختم في كل خمس، ومنهم علقمة بن قيس، ولو تعارض الاسراع والترتيل روعي عند الجمهور. قال ابن حجر:
والتحقيق أن لكل منهما جهة فضل بشرط أن يكون المسرع لا يخل بشئ من الحروف والحركات والسكنات الواجبات. ولا يمنع أن يفضل أحدهما الاخر، وأن يستويا فإن من رتل وتأمل كمن تصدق بجوهرة ثمينة، ومن أسرع كمن تصدق بعدة جواهر لكن قيمتها قيمة الواحدة، وقد تكون قيمة الواحدة أكثر من قيمة الأخريات، وقد يكون بالعكس (طب عن ابن عمرو) بن العاص، رمز المصنف لضعفه.
1332 - (اقرأ القرآن في ثلاث) أي بأن تقرأ في كل يوم وليلة ثلثه (إن استطعت) قراءته في الثلاث مع ترتيل وتدبر، وإلا فاقرأه في أكثر، ومن ثم قال ابن مسعود: من قرأه في أقل من ثلاث فهو راجز، وكره ذلك معاذ. وقال القسطلاني: وأخبرني شيخ الإسلام البرهان ابن أبي شريف أنه كان يقرأ خمسة عشر ختمة في اليوم والليلة. وفي الإرشاد أنه النجم الأصبهاني رأى رجلا من اليمن ختم في شوط أو أسبوع وهذا لا يتسهل إلا بفيض رباني ومدد رحمني. اه‍. وأخبرني بعض الثقات أن شيخنا العارف عبد الوهاب الشعراني ختم بين المغرب والعشاء ختمتين، ثم رأيته ذكر في كتاب الأخلاق ما نصه ومنها عمل أحدهم على تحصيل مقام غلبة الروحانية على الجسمانية حتى يصير يقرأ في اليوم والليلة كذا وكذا ختما ويقرأ مع من غلبت روحانيته على جسمانيته، فلا يتخلف عنه، ويحتاج صاحب هذا المقام إلى ورع شديد وطاعة كثيرة ليحصل له تلطيف الكشائف وإلا فلا يقدر يستعجل في القراءة مع من ذكر بل يصير كأنه يسحب صخرا على الأرض خلف طائر فمن فهم هذا عرف سر أمره تعالى للمصطفى صلى الله عليه وسلم بترتيل القرآن، فإن روحانيته تغلب جسمانيته، فإذا قرأ لا يلحقه أحد لانطواء الألفاظ في نطق الأرواح وأخبر الشيخ علي المرصفي أنه قرأ في أيام سلوكه في يوم وليلة ثلاثمائة ألف ختم وستين ألف
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»