الدم ويسخنه وأول شئ يأكله أهل الجنة إذا دخلوها زيادة كبد الحوت، وأخذ بهذا بعضهم ففضله على اللبن وعكس آخرون وفيه رد على بعض الفرق الزائغة حيث حظر أكل اللحم كأبي العلاء المعري وكبعض الحكماء حيث قال يا أبناء الحكمة لا تجعلوا بطونكم قبورا للحيوان وكقول بعضهم: تعذيب الحيوان ظلم ولا أفعله واللحم هو ما لحم بين أخفى ما في الحيوان من وسط عظمه وما انتهى إلى ظاهره من سطح جلده وغلب استعماله عرفا على رطبه الأحمر وهو هنا على أصل لغة لجميع اللحم الأحمر والشحم والأعصاب إلى الجلد وما اشتمل عليه بين الطرفين من أجزاء الرطوبات المأكولة ذكره الحراني (عق حل عن ربيعة بن كعب) بن مالك أبي فراس الأسلمي حجازي قال السخاوي: أخرجه أبو نعيم من طريق عمرو بن بكر السكسكي وهو ضعيف جدا قال العقيلي: ولا يعرف هذا الحديث إلا به وهو غير محفوظ ولا يصح فيه شئ، وقال ابن حبان: عمرو يروي عن الثقات الطامات وأدخله ابن الجوزي في الموضوع وتعقبه المؤلف بما حاصله أن له شواهدا وقد مر ويأتي أن الشاهد إنما يفيد في الضعيف لا الموضوع.
1304 - (أفضل عبادة أمتي) أي من أفضلها (تلاوة القرآن) لأن لقارئه بكل حرف مئة عشر حسنات وبذلك يسمو على سائر العبادات، قال الزركشي وهذا أي ما ذكر من كون الحرف منه بعشر حسنات من خصائصه على سائر الكتب المنزلة وظاهر الحديث أنه أفضل العبادات وإن كانت قراءته بغير فهم وأيد بأن أحمد بن حنبل رأى ربه في النوم فقال: يا رب، ما أفضل ما يتقرب به المتقربون إليك؟ قال بكلامي يا أحمد قال بفهم أو بغير فهم؟ قال بفهم وبغير فهم لكن رده بعضهم بأن المراد بتلاوته بغير فهم تلاوة العارفين فإن معاني القرآن تنزل عليهم حال التلاوة بغير فهم ولا فكر فيكون عين تلاوته عين تلك المعاني وإلا فشرط من يتقرب إلى الله بشئ فهم معناه ولو كان المراد بعدم الفهم ما يتبادر للذهن لصح أن يتقرب إلى الله بالجهل ولا قائل به (هب) وكذا أبو نعيم في فضائل القرآن (عن النعمان بن بشير) ورواه عنه أيضا الحاكم في التاريخ ومن طريقه وعنه أورده البيهقي فلو عزاه له لكان أولى ثم إن المصنف رمز لضعفه وهو فيه تابع للحافظ العراقي حيث قال سندهما ضعيف انتهى وسببه أن فيه العباس بن الفضيل الموصلي أورده الذهبي في الضعفاء قال قال ابن معين ومسكين بن بكير قال الذهبي: قال الحاكم له مناكير كثيرة وعباد بن كثير فإن كان الثقفي فقال الذهبي: قال البخاري تركوه أو الرملي فقال: ضعفوه ومنهم من تركه.
1305 - (أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن نظرا) أي في نحو مصحف، أي فهي أفضل من قراءة عن ظهر قلب لأنها ذكر الله بالباطن تفكرا وبالظاهر تلاوة لكلامه الأزلي وبقراءته قوام جميع عباداته ومفترضاته وكأنه بتلاوته يخاطب ربه بأمره ونهيه ومواعظه وجميع العبادات تراد لإقامة ذكر الله وهو لبها قال بعض الصوفية كنت أكثر القراءة ثم اشتغلت بكتابة الأحاديث والعلم فقلت تلاوتي فنمت ليلة فرأيت قائلا يقول إن كنت تزعم حبي، فلم جفوت كتابي؟ أما تدبرت ما فيه، من لذيذ خطابي؟
فانتبهت فزعا وعدت إليه (الحكيم) الترمذي (عن عبادة) بن الصامت.