فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٧٤
1321 - (اقتربت الساعة، ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا)، شحا وإمساكا لعماهم عن عاقبتها (ولا يزدادون من الله إلا بعدا) أي من رحمته لأن الدنيا مبعدة عن الآخرة لأنه يكرهها ولم ينظر إليها منذ خلقها والبخيل مبغوض إلى الله مبعود عنه لا يقال كيف وصف الساعة بالاقتراب وقد عد دون هذا القول أكثر من ألف عام لأنا نقول هي مقتربة عند الله * (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) * [الحج: 47] ولأن كل آت آت، وإن طالت أوقات استقباله وترقبه قريب، ولأن ما بقي من الدنيا أقل مما سلف منها بدليل انبعاث خاتم النبيين الموعود ببعثه آخر الزمان. وبالجملة فهذه الأخبار الشافية الكافية مسوقة للبيان أنه لابد من طي البساط ورفع السماط وتبديل الأرض في الطول والعرض وتخريب العامر وتحريك الزاهر وشق الأثواب وطرق الأبواب وسفك الدماء وهتك النساء وشقاق العلماء وخلاف الأمراء أو قيام السيف في الشتاء والصيف وسوء الحال ورفض المال وارتفاع الصبيان ثم الصلبان وسقوط الفرسان وهبوط العربان لنفوذ القضاء والقدر كما جاء في الخبر: إذا نزل القضاء عمي البصر (ك) في الرقائق (عن ابن مسعود) وقال صحيح وشنع عليه الذهبي بأنه خبر منكر وفيه بشير بن زاذان ضعفه الدارقطني وأبهمه ابن الجوزي. فأنى له الصحة؟.
1322 - (اقتلوا الحية) قال في الكشاف اسم جنس يقع على الذكر والأنثى والكبير والصغير (والعقرب وإن كنتم في الصلاة) أي وترتب على القتل بطلانها. قال الزين العراقي: وهذا محمله على الندب أو الإباحة وصرفه عن الوجوب خبر أبي يعلى عن عائشة أنه كان لا يرى بقتلها في الصلاة بأسا.
قال الحكيم لأن الحية أظهرت العداوة لنا وكانت وكلت بخدمة آدم في الجنة فخانته وأمكنت عدو الله من نفسها حتى صيرته سببا لدخول الجنة في إغوائه، فلما أهبطوا إلى الأرض تأكدت العداوة منها لآدم وولده والعقرب من لواحقها وأتباعها (طب عن ابن عباس) فيه أمران: الأول أنه يوهم أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف، فقد خرجه أبو داود وكذا الحاكم بلفظ: اقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في صلاتكم. الثاني أنه لم يرمز له بتضعيف ولا غيره فاقتضى سلامته من العلل وليس كما أوهم، فقد جزم خاتمة الحفاظ ابن حجر بضعف سنده في تخريج الهداية.
1323 - (اقتلوا الأسودين) سماهما بالأسودين تغليبا كالعمرين. قال الجوهري: الأسود العظيم من الحيات وفيه سواد وضم العقرب إليها تغليبا كإطلاقه الأسودين على التمر والماء، والعرب تفعل ذلك في الشيئين يصطحبان فيسميان معا باسم الأشهر، والأمر للندب أو الإباحة لا للوجوب ما لم يتعرض ولم يخفها على نفسه ولا على غيره، (وإلا فللوجوب) حتى (في الصلاة) قالوا: وما الأسودان؟
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»