فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٥٧
الشيخين ولفظ مالك عن يحيى بن سعيد عن النعمان بن مرة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما ترون في الشارب والسارق والزاني؟ قال: وذلك قبل أن ينزل فيهم قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هن فواحش وفيهن عقوبة، وأسوأ السرقة الذي يسرق من صلاته، قالوا: وكيف يسرق من صلاته؟
قال: لا يتم إلخ.
1041 - (أشبه ما رأيت بجبريل) اسم سرياني معناه عبد الله (دحية) بفتح المهملة وكسرها: ابن خليفة بن فروة (الكلبي) بفتح فسكون: صحابي جليل مشهور أي أقرب الناس شبها إذا تصور بصورة إنسان هو. قال الزمخشري: دحية رئيس الجند، وبه سمى دحية الكلبي، وكأنه من دحاه يدحوه إذا بسطه ومهده، فإن الرئيس له التمهيد والبسطة، وقلب الواو ياء فيه نظير قلبها في قنية. قال أبو حاتم عن الأصمعي بفتح داله ولا تكسر، ولعله من تغيرات الأعلام كالحجاج على الإمالة. إلى هنا كلامه.
وكان جبريل يأتيه على صورته بغير أجنحة وهو خلاف صورته التي خلق عليها وهو إذ ذاك جبريل.
قال تعالى * (نزل به الروح الأمين) * فالنازل بالوحي جبريل. والصورة صورة دحية فجبريل هو جبريل والصورة غيره وإن كان الملك فيها. ذكره الكلاباذي واحتج به الحلولية والاتحادية على زعمهم الفاسد من جهة أنه روحاني وقد خلع صورة الروحانية وظهر بمظهر البشرية فكان يظهر بصورة دحية فيعلمه النبي ملكا ويظنه الناس بشرا، قالوا فإذا قدر على ذلك وهو مخلوق فالله أقدر على الظهور في صورة الوجود الكلي أو بعضه وأجيب بأن جبريل جسم نوراني لطيف فقبلت ذاته التشكل والانخلاع من طور إلى طور، والله منزه عن الجسمية ولوازمها وكونه يرى ولا يرى وأقرب من حبل الوريد، وبين المصلي وقبلته لا يدل لكونه ماهية، إذ القرب والبينية أمر معنوي لا حسي (ابن سعد) واسمه يحيى في الطبقات (عن ابن شهاب) كذا هو بخط المصنف، فما في نسخ شهاب لا أصل له، وهو الزهري.
1042 - (اشتد غضب الله على من زعم أنه ملك الأملاك) أي من تسمى بذلك ودعي به وإن لم يعتقده، فإنه (لا ملك) في الحقيقة (إلا الله) وغيره وإن سمى ملكا أو مالكا فإنما هو بطريق التجوز، وإنما اشتد غضبه عليه لمنازعته لله في ربوبيته وألوهيته، فهو حقيق بأن يمقته عليه فيهينه غاية الهوان ويذله غاية الذل ويجعله تحت أقدام خلقه لجرأته وعدم حياته في تشبهه به في الاسم الذي لا ينبغي إلا له، فهو ملك الملوك وحده حاكم الحكام وحده، فهو الذي يحكم عليهم كلهم لا غيره (خاتمة) لما أمر الخليفة في القرن الخامس أن يزاد في ألقاب جلال الدولة شاهنشاه ملك الملوك وخطب له بذلك أفتى بعض الفقهاء بالمنع وتبعهم العوام ورموا بالآجر الخطباء. وأفتى القاضي أبو الطيب الشافعي والصيمري الحنفي بالجواز، إذ معناه ملك ملوك الأرض، وأفتى الماوردي بالمنع وكان من خواص أصحاب جلال الدولة فانقطع عنه فطلبه الجلال فمضى إليه على وجل شديد، فقال له أنا أتحقق أنك
(٦٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 652 653 654 655 656 657 658 659 660 661 662 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة