فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٥٣
الله لا إله إلا هو قال القاضي: وذلك لأن شرف الآيات لشرف مدلولاتها ورفعة قدرها واشتمالها على الفوائد العظيمة والعوائد الخطيرة، ثم بحسن النظم ومزيد البيان والفصاحة، ولا شك أن أعظم المدلولات ذات الله تعالى وصفاته وأشرف العلوم وأعلامها قدرا وأرفعها منارا وأبقاها ذخرا هو العلم الإلهي الباحث عن ذاته تقدس وصفاته الذاتية السلبية والثبوتية وما يدل عليها من صنائعه وأفعاله، وأن رجوع الخلق إليه وحسابهم عليه لا مرد لحكمه ولا مانع من عذابه، وهذه الآية باعتبار معناها وما يستفاد من مفهومها وفحواها اشتمل على جملة ذلك مفصلا أو مجملا على طريقة التقدير والتحقيق لا على منهج الدعوى ومحض التقليد. ومن حيث أن اللفظ وقع في مجاز البلاغة وحسن النظم والترتيب موقعا تنمحق دونه بلاغة كل بليغ وتتشعشع في معارضته فصاحة كل فصيح وفي الاشتغال بذلك خروج عن المقصود، فمن أراد فليراجع كتب التفسير. اه‍. وقال الإمام الرازي في لوامع البينات منهم من قال الاسم الأعظم الحي القيوم، ويدل عليه وجهان: أحدهما أن أبي بن كعب طلب من المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يعلمه الاسم الأعظم فقال هو في قوله تعالى * (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) * وفي * (ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم) * قالوا وليس ذلك في قولنا: الله لا إله إلا هو، لأن هذه الكلمة موجودة في آيات كثيرة فلما خص الاسم الأعظم بهاتين الآيتين علمنا أنه الحي القيوم. الثاني: أن الحي يدل على كونه سبحانه عالما متكلما قادرا سميعا بصيرا، والقيوم يدل على أنه قائم بذاته مقوم لغيره، ومن هذين الأصلين تتشعب جميع المسائل المعتبرة في علم التوحيد ففي هذين الاسمين من صفات العظمة والكبرياء والإلهية ما ليس في غيرهما، وذلك يقتضي أنهما أعظم الأسماء، وقال النابلسي في كفاية ذوي الألباب: إن الحي القيوم دعاء أهل البحر إذا خافوا الغرق، وأن بني إسرائيل سألوا موسى الكليم عن الاسم الأعظم فأوحى الله إليه أن مرهم أن يدعوني بآهيا شراهيا ومعناه الحي القيوم. قال: وكان عيسى عليه الصلاة والسلام إذا أراد أن يحيي الموتى: قال يا حي يا قيوم (حم د ت ه عن أسماء) بفتح الهمزة (بنت يزيد) بن السكن أم سلمة الأنصارية صحابية جليلة تأخرت وفاتها. حسنة الترمذي ورمز المصنف لصحته مع أن فيه كما قال المناوي وغيره عبد الله بن أبي الزناد القداح فيه لين وقال أبو داود أحاديثه مناكير وضعفه ابن معين.
1033 - (اسم الله الأعظم الذي إذا دعى به أجاب في هذه الآية) من آل عمران هكذا هو في متن حديث الطبراني عن الحبر (قل اللهم مالك الملك) أي الذي لا يملك منه أحد شيئا غيره (الآية) بالنصب على إضمار اقرأ. قال ابن الهمام: وهو الوجه الظاهر لتبادره، ويجوز رفعه بتقدير مبتدأ أو خبر: أي المتلو وهو على تقدير إلى آخر الآية إذ العادة عند الفصحاء أنه إذا كانت الآية أو الحديث أو البيت محفوظا معروفا يذكر أوله ويقال الآية أو الحديث أو البيت اختصارا أي التي هي مستهلها أو مبدؤها فعلى العاقل المتأمل فيها إسلام الملك كله الذي منه شرف الدنيا لله ولذلك لم يكن المصطفى صلى الله عليه وسلم يتظاهر بالملك ولا يأخذ مأخذه وتبعه خلفاؤه فلبسوا الخلقات والمرقعات واقتصروا على
(٦٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 648 649 650 651 652 653 654 655 656 657 658 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة