فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٤٨
محمد رسول الله فجعل الجزاء من كلمة الشهادة شعارا لمجموعها فالمراد الكلمة بتمامها كما تقول قرأت * (آلم ذلك الكتاب) * أي السورة بتمامها، والمراد من قال ذلك من إنس وجن وملك، ولا ينافيه التقيد بالناس لأنه مفهوم لقب ولا حجة فيه عند الجمهور (خالصا) عن شوب شرك أو نفاق ، فالمراد بالقول النفساني لا الكلامي فقط، أو ذكر تغليبا إذ الغالب أن من صدق بالقلب قال باللسان (مخلصا من قلبه) أو نفسه، هكذا هو على الشك عند البخاري، وقوله مخلصا تأكيد لخالصا فالمراد الإخلاص المؤكد البالغ غايته ويدل على إرادة تأكيده ذكر القلب إذ الإخلاص معدنه القلب ففائدته التأكيد كما في * (فإنه آثم قلبه) * قال في الكشاف: لمن كان آثم مقترنا بالقلب أسند إليه لأن إسناده الفعل إلى الجارحة التي يعمل فيها أبلغ، ألا تراك إذا أردت التأكيد تقول أبصرته بعيني وسمعته بأذني، وقوله من قلبه متعلق بمخلصا أو يقال، والأولى كما قاله الكرماني الثاني، ثم إن علق يقال فالظرف لغو وإلا فمستقر إذ تقديره ناشئا عن قلبه. قال البيضاوي. وأسعد بمعنى سعيد إذ لا يسعد بشفاعته من ليس من أهل التوحيد، أو المراد بمن قال من لا عمل له يستحق به الرحمة ويستوجب به الخلاص من النار لأن احتياجه للشفاعة أكثر والشفاعة بها أوفر، قال الكرماني: أفعل بمعنى فعيل يعني سعيد الناس كقولهم: الناقص والأشج أعدلا بني مروان أو هو بمعناه الحقيقي المشهور، والتفضيل بحسب المراتب أي هو أسعد ممن لم يكن في هذه الرتبة، وقال ابن حجر: أراد بالشفاعة بعض أنواعها وهي إخراج من بقلبه مثقال ذرة من إيمان أما العظمى فأسعد الناس بها السابقون إلى الجنة وهم من يدخل بغير حساب ثم الذين يلونهم، وأشار بأسعد إلى اختلاف مراتبهم في السبق فهي على بابها لا بمعنى سعيد. والأولى أن يقال كل أحد يحصل له سعادة بسبب شفاعته لكن المؤمن المخلص أكثر سعادة بها فإن المصطفى صلى الله عليه وسلم يشفع في الخلق لأراحتهم من هول الموقف، ويشفع في بعض الكفار بتخفيف العذاب كأبي طالب ويشفع في قوم من المؤمنين بالخروج من النار بعد دخولها، وفي بعضهم بعدم الدخول بعد استحقاقه، وفي بعضهم بدخول الجنة بغير حساب، وفي بعضهم برفع الدرجات، فاستبان الإشراك في السعادة بالشفاعة فإن أسعدهم بها المؤمن الخالص المخلص (خ) في كتاب الإيمان (عن أبي هريرة) قال: قلت يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة، قال لقد ظننت أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك: أي أقدم منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، ثم ذكره.
1022 - (أسعد الناس) أي من أعظمهم سعادة (يوم القيامة) بعد الأنبياء والخلفاء الأربعة (العباس) كيف لا وهو أصل العز والشرف ورأس الدين والحسب وأقرب الناس نسبا من المصطفى صلى الله عليه وسلم وأمسهم به رحما وأوصلهم به نسبا وأدناهم من قرابة والآخذ له البيعة على أهل العقبة ليلتها والثابت معه بحنين إذ ولت المهاجرة والأنصار الأدبار (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عمر) بن الخطاب.
(٦٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 643 644 645 646 647 648 649 650 651 652 653 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة