فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٥٦
وغير ذلك، وفيه التسوية في وجوب الطاعة بين ما يشق على النفس وغيره، وقد بين ذلك في رواية بقوله فيما أحب وكره. ووجوب الاستماع لكل من تجب طاعته كالزوج والسيد والوالد واستدل به على أن الإمام إذا أمر بعض رعيته بالقيام ببعض الحرف والصنائع من زراعة وتجارة وعمل أنه يتعين على من عينه لذلك، وينتقل من فرض الكفاية إلى فرض العين عليه بتعيين الإمام. قال جدنا الأعلى من جهة الأم الزين العراقي حتى قاله بعض شيوخنا في الفلاحين المفردين لزراعة البلدان أنه أمر شرعي بتقرير الإمام ذلك عليم. نعم إن تعدى عليهم وألزموا بما لا يلزمهم من إيجار الأرض بغير رضاهم لم يجر، لكن يكونون كالعمال يعملون ويستحقون أجر المثل (حم خ) في الصلاة وفي الأحكام (ه عن أنس) بن مالك، ورواه عن أنس أيضا البخاري بلفظ: اسمع وأطع ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة.
وظاهر صنيع المصنف أن هذا مما تفرد به البخاري عن صاحبه، والأمر بخلافه فقد رواه مسلم من حديث أم حصين.
1040 - (أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته) قال الطيبي: أسوأ مبتدأ، والذي: خبره على حذف مضاف: أي سرقة الذي يسرق. ويجوز أن تكون السرقة جمع سارق كفاجر وفجرة. اه‍.
قالوا وكيف يسرق منها يا رسول الله؟ قال (لا يتم) وفي رواية الذي لا يتم (ركوعها ولا سجودها) وأعاد - لا - في السجود دفعا لتوهم الاكتفاء بالطمأنينة في أحدهما (ولا خشوعها) الذي هو روح الصلاة بأن لم يستحضر عظمة الله. قال الطيبي: جعل جنس السرقة نوعين: متعارفا وغير متعارف، وهو ما ينقص من الطمأنينة والخشوع ثم جعل غير المتعارف أسوأ من المتعارف، ووجه كونه أسوأ أن السارق إذا وجد مال الغير قد ينتفع به في الدنيا ويستحل صاحبه أو يحد فينجو من عذاب الآخرة، بخلاف هذا فإنه سرق حق نفسه من الثواب وأبدل منه العقاب في العقبى. قال الحراني: وأكثر ما يفسد صلاة العامة تهاونهم بعلم الطمأنينة والعمل بها في أركان الصلاة، وأصلها سكون على عمل لركن من ركوع أو سجود أو جلوس زمنا ما وإجماع من النفس على البقاء على تلك الحالة ليوافق بذلك المقدار من الزمان حال الداعين في آحاد تلك الأحوال من الملائكة الصافين، وفيه أن الطمأنينة في الركوع والسجود واجبة، وأجله في الفرض، وكذا في النفل عند الشافعي فعده ركنا، وأن الخشوع واجب، وبه قال الغزالي منهم فعده شرطا، لكن المفتى به عندهم خلافه (نكتة) صلى رجل صلاة ولم يتم أركانها وقال اللهم زوجني الحور العين، فقال له أعرابي: بئس الخاطب أنت: أعظمت الخطبة وأسأت النقد. - (حم ك) وصحح إسناده (عن أبي قتادة) الأنصاري أبو داود (الطيالسي حم ع عن أبي سعيد) الخدري، قال الهيتمي فيه علي بن زيد مختلف في الاحتجاج به. وبقية رجاله رجال الصحيح.
وقال الذهبي في الكبائر: إسناده صالح. وقال المنذري: رواه الطبراني في الثلاثة عن عبد الله بن مغفل بإسناد جيد، لكنه قال في أوله: أسرق الناس، وهذا الحديث أخرجه في الموطأ فكان ينبغي للمؤلف أن يضمه لهؤلاء في العزو جريا على عادته فإن دأبه أن الحديث إذا كان فيه مالك بدأ يعترف له مقدما على
(٦٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 651 652 653 654 655 656 657 658 659 660 661 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة