احذر من التلذذ بالماء البارد زمن الحر فتسبغ الوضوء لالتذاذك به فتتخيل أنك ممن أسبغه عبادة وأنت ما أسبغته إلا لتلذذك به لما أعطاه الحال والزمن من شدة الحر، فإذا أسبغته في شدة البرد وصار لك عادة فاستصحب تلك النية في الحر. (ع ك هب على) أمير المؤمنين قال الحاكم على شرطهما وأقره الذهبي. وقال الزين العراقي في شرح الترمذي بعد ما عزاه لأبي يعلى رواته ثقات، وقال المنذري بغير عزوه لأبي يعلى والبزاز إسناده صحيح، وقال الهيتمي رجال أبي يعلى رجال الصحيح، وأقول فيه من طريق البيهقي عبد الرحمن بن الحرث بن عبد الله بن عياش ابن أبي ربيعة قال أحمد متروك الحديث، وقال أبو حاتم رحمه الله يتشيع.
966 - (إسباغ الوضوء) أي إكماله بإيصال الماء فوق الغرة إلى تحت الحنك طولا، ومن الأذن إلى الأذن عرضا مع المبالغة في الاستنشاق والمضمضة وإيصال الماء إلى فوق المرفق والكعب مع كل من أصابع اليدين والرجلين والدلك والتثليث. ذكره الطيبي ثم قال: فتأمل في بلاغة هذا اللفظ الموجز (شطر الإيمان) يعني جزؤه واستعمال الشطر في مطلق الجزء تجوز أخف من إخراج الوضوء والإيمان عن معناهما الشرعي الذي عليه الأكثر، ولا ينافيه رواية أحمد: الطهور نصف الإيمان، لأن النصف قد يطلق ويراد به أحد قسمي الشئ على وزن إذا مت كان الناس نصفين. نعم مما يقرب إرادته هنا قول ابن الأثير: الإيمان يطهر خبث الباطن والوصف يطهر الظاهر فكان نصفا، وترجيح النووي أن المراد بالإيمان الصلاة * (وما كان الله ليضيع إيمانكم) * أطيل في رده. قال مغلطاي:
والحديث حجة على من يرى أن الوضوء لا يفتقر إلى نية (والحمد لله) أي هذا اللفظ وحده أو هذه الكلمة وحدها خلافا لزاعم أن المراد الفاتحة (تملأ) بفوقية: أي هذه الكلمة، وقيل تطلق على الجمل المفيدة، أو بتحتية: أي هذا اللفظ. كذا ذكره بعضهم. لكن قال النووي ضبطناه بالفوقية، وظاهره أنه الرواية (الميزان) أي ثواب النطق بذلك مع الإذعان لمدلوله يملأ كفة الحسنات التي هي كطباق السماوات بل أوسع وذلك لاشتمال الحمد على التفويض والافتقار إليه تعالى، وفيه إثبات الميزان ذي كفتين ولسان ووزن الأعمال فيها بعد أن تجسم أو توزن الصحائف، قيل ولكل إنسان ميزان، والأصح الاتحاد (والتسبيح) أي تنزيه الله عما لا يليق به بنحو سبحان الله (والتكبير) أي تعظيم الله بنحو الله أكبر (تملأ) بالفوقية أو بالتحتية على ما تقرر (السماوات) السبع (والأرضين) لو قدر ثوابها جسما، لأن العبد إذا سبح وكبر امتلأ ميزانه من الحسنات، والميزان أوسع من السماوات والأرض، فما يملؤه أكثر مما يملؤها: ويظهر أن المراد بذلك التعظيم ومزيد التكثير لا التحديد بدليل قوله في رواية مسلم الآتية بدل ما هنا يملأ ما بين السماء والأرض (والصلاة) الجامعة لمصححاتها ومكملاتها (نور) أي ذات نور أو منورة: إذ هي سبب لإشراق نور المعارف ومكاشفات الحقائق مانعة من المعاصي ناهية عن الفحشاء والمنكر هادية للصواب، أو ذاتها نور مبالغة في التشبيه (والزكاة) كذا هو بخط المؤلف. ولفظ رواية مسلم الآتية: الصدقة بدل الزكاة: أي الصدقة المفروضة بدليل هذه الرواية،