فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦١٨
964 - (أسامة) بالضم: ابن زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن مولاه وحبه وابن حبه (أحب الناس) من الموالي. أو المراد من أحب الناس (إلي) ولا يعارضه أن غيره أفضل منه كما مر وسيجئ، وكان أسامة يدعى الحب بن الحب وقد عرف ذلك له عمر وقام بالحق لأهله، وذلك أنه فرض لأسامة في العطاء خمسة آلاف ولابنه عبد الله ألفين، فقال له لم فضلت علي أسامة وقد شهدت ما لم يشهد؟ فقال إن أسامة كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم من أبيك، ففضل محبوب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على محبوبه، وهكذا يجب أن يحب ما أحب ويبغض ما يبغض. قال القرطبي: وقد قابل مروان هذا الواجب بنقيضه، وذلك أنه مر بأسامة وهو يصلي بباب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مروان إنما أردت أن ترى الناس مكانك، فقد رأينا مكانك، فعل الله بك وفعل، وقال قولا قبيحا فقال له أسامة: آذيتني وإنك فاحش متفحش، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: إن الله يبغض الفاحش المتفحش. فانظر ما بين الفعلين وقس ما بين الرجلين، فلقد آذى بنو أمية رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أحبابه وناقضوه في محابه. (حم طب) وكذا الطيالسي (عن ابن عمر) بن الخطاب، رواه عنه أيضا الحاكم وقال على شرط مسلم وأقره الذهبي، ومن ثم رمز المصنف لصحته.
965 - (إسباغ الوضوء) بالضم: أي الشرعي (في المكاره) جمع مكرهة: أي إتمامه وتكميله وتعميم الأعضاء حال ما يكره استعمال الماء لنحو شدة برد، والمكرهة بفتح الميم الكره، أي المشقة (وإعمال الأقدام) بفتح أوله: أي استعمالها في المشي بالتكرار أو لبعد الدار هو أفضل كما يأتي (إلى المساجد) أي مواضع الجماعة (وانتظار الصلاة) أي دخول وقتها لتفعل (بعد الصلاة) أي الجلوس في المسجد لذلك أو لتعلق القلب بالصلاة والاهتمام بها. وتخصيص الباجي ذلك بانتظار العصر بعد الظهر والعشاء بعد المغرب لا دليل عليه (تغسل الخطايا غسلا) أي تمحها فلا تبقي شيئا من الذنوب كما لا يبقي الغسل شيئا من وسخ الثوب ودنسه: فكما أن الثوب يغسل بماء حار ونحو صابون لإزالة الدنس فكذا السيئات تغسل بالحسنات، فالمحو كناية عن الغفران، أو المراد محوها من صحف الملائكة التي يكون فيها المحو والإثبات لا في أم الكتاب التي هي علم الله الباقية على ما هي عليه، فلا يزاد فيها ولا ينقص منها أبدا. ثم قضية ذلك وقفه على مجموع الخصال الثلاثة لكن في أخبار أخر ما يدل على استقلالها كل منها في ذلك، والمراد الصغائر بدليل قوله في الحديث الآتي: ما اجتنبت الكبائر. وأخذ بعض أهل القرن السابع بالتعميم رده مغلطاي بأنه جهل بين وموافقة للرجبية وكيف يجوز حمله على العموم مع قوله سبحانه وتعالى * (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا) * و * (توبوا إلى الله جميعا) * في آي كثيرة؟ فلو كانت أعمال البر مكفرة للكبائر لم يكن لأمره بالتوبة معنى وكان كل من توضأ وصلى يشهد له بالجنة وإن ارتكب كل كبيرة (تنبيه) قال بعض العارفين:
(٦١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 613 614 615 616 617 618 619 620 621 622 623 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة