فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٢٩
(استعينوا على إنجاح حواءجكم) من جلب نفع ودفع ضر (بالكتمان) عن الخلق اكتفاء بعلم وصيانة للقلب عما سواه (فإن كل ذي نعمة محسود) فتكتم النعمة عن الحاسد إشفاقا عليه وعليك منه (الحكيم) الترمذي في النوادر (عن ابن عباس).
981 - (استعيذوا) أي تعوذوا أي اطلبوا الإعاذة (بالله من طمع) أي حرص شديد يهدي أي يدني ويقرب أو يجر (إلى طبع) بفتح الطاء والموحدة أي يؤدي إلى دنس وشين (ومن طمع يهدي إلى غير مطمع) أي إلى تأميل ما يبعد حصوله والتعلق به قال في المصباح ومن كلامهم فلان طمع في غير مطمع إذا أمل ما يبعد حصوله (ومن طمع حيث لا مطمع) أي ومن طمع في شئ حيث لا مطمع فيه بالكلية لتعذره حسا أو شرعا فاستعمل الهدى فيه على الاستعارة تهكما ذكره الطيبي وهذه الثالثة أحط مراتب الدناءة في مطمع وأقبحها فإن حيث من صيغ العموم في الأحوال والأمكنة والأزمنة وقال يحيى بن كثير: لا يعجبك حلم امرئ حتى يغضب ولا أمانته حتى يطمع قال القاضي: والهداية الإرشاد إلى الشئ والدلالة عليه ثم اتسع فيه فاستعمل بمعنى الأذن فيه والإيصال إليه والطبع محركا العيب وأصله الدنس ولو معنويا كالعيب والعار وأصله من صيغ العموم في الأمكنة لكنه استعمل هنا فيها وفي كل حال وزمان، وأصله الذي يعرض للسيف والمعنى تعوذوا بالله من طمع يسوقكم إلى شين في الدين وازدراء بالمروءة واحذروا التهافت على جمع الحطام وتجنبوا الحرص والتكالب على الدنيا (حم طب ك عن معاذ بن جبل) ضد السهل قال الحاكم مستقيم الإسناد وأقره الذهبي لكن قال الهيتمي: إن في رواية أحمد والطبراني عبد الله بن عامر الأسلمي وهو ضعيف.
982 - (استعيذوا بالله من شر جار المقام) بالضم أي الإقامة فإنه ضرر دائم وأذى ملازم ووجهه بقوله (فإن جار المسافر إذا شاء أن يزايل زايل) بالزاي فيهما أي أن يفارق جاره ويتحول من جواره فارقه فيستريح منه. وشمل جار المقام الحليلة والخادم والصديق الملازم وفيه إيماء إلى أنه ينبغي تجنب جار السوء والتباعد عنه بالانتقال عنه إن وجد لذلك سبيلا بمفارقة الزوجة وبيع الخادم وأن المسافر إذا وجد من أحد من رفقته ما يذم شرعا فارقه (ك) في الدعاء (عن أبي هريرة) وقال صحيح وأقره الذهبي.
983 - (استعيذوا بالله من العين) أي التجئوا إليه من شر العين التي هي آفة تصيب الإنسان والحيوان من نظر العائن إليه فيؤثر فيه فيمرض أو يهلك بسببه (فإن العين حق) أي بقضاء الله وقدره لا بفعل العائن بل يحدث الله في المنظور علة يكون النظر بسببها فيؤاخذه الله بجنايته عليه بالنظر وينبغي التعوذ بما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يعوذ به الحسن والحسين وهو " أعيذكما بكلمات الله التامة من كل
(٦٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 624 625 626 627 628 629 630 631 632 633 634 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة