فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٨٩
المفلوج لا يطاوع صاحبه في تحريكه وإن جاهده فمتى يحركه إلى اليمين تحرك نحو الشمال فكذا المتطبع وإن جاهد نفسه فإن قواه تأبى مطاوعته وهذا الخبر صريح في أن حسن الخلق لا يمكن اكتسابه لكنه منزل على تعبير القوة نفسها التي هي السجية لا على أساسها. قال الراغب: الطبع أصله من طبع السيف وهو إيجاد الصورة المخصوصة في الحديد وكذا الطبيعة والغريزة لما غرز عليه وكل ذلك اسم للقوة التي لا سبيل إلى تغييرها والسجية اسم لما يسجى عليه الإنسان وأكثر ما يستعمل ذلك كله فيما لا يمكن تغييره لكن الخلق تارة يقال للقوة الغريزية وهو المراد هنا وتارة جعل اسما للحالة المكتسبة التي يصير بها الإنسان خليقا أن يفعل شيئا دون شئ وتارة يجعل الخلق من الخلاقة أي الملابسة وكأنه اسم مأمون عليه الإنسان من العادة وهو الذي يقال باكتسابه فجعل الخلق مرة للهيئة الموجودة في النفس التي يصدر عنها الفعل بلا فكر ومرة اسما للفعل الصادر عنه باسمه وعلى ذلك أسماء أنواعها من نحو عفة وعدالة وشجاعة فإن ذلك يقال للهيئة والفعل جميعا. - (حم) من حديث الزهري (عن أبي الدرداء) قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نتذاكر ما يكون إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال الطيبي ما يكون الذي يحدث من الحوادث أهو شئ مقضي أو شئ يتجدد آنفا ومن قال فإنه يصير إلخ يعني الأمر على ما قدر وسبق حتى العجز والكيس فإذا سمعتم أن الرجل الكيس يصير بليدا أو بالعكس وأن العاجز يرجع قويا وعكسه فلا تصدقوا به، وضرب بزوال الجبل مثلا تقريبا للأفهام فإن هذا ممكن الزوال بالخلق المقدر عما كان في القدر، قال الهيتمي رجاله رجال الصحيح إلا أن الزهري لم يدرك أبا الدرداء وقال السخاوي: حديث منقطع وبه يعرف ما في رمز المؤلف لصحته.
697 - (إذا سمعتم من يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه) أي قولوا له اعضض بظر أمك (ولا تكنوا) عن ذلك بما لا يستقبح فإنه جدير بأن يستهان به ويخاطب بما فيه قبح وهجر زجرا له عن فعله الشنيع وردعا له عن قوله الفظيع (حم ن حب طب والضياء) المقدسي (عن أبي) ابن كعب وفي الباب وغيره أيضا.
698 - (إذا سمعتم نباح الكلاب) بضم النون وكسرها صياحه (ونهيق الحمير) صوتها جمع حمار، والنهاق بضم النون (بالليل) خصه لأن انتشار الشياطين والجن فيه أكثر وكثرة فسادهم فيه أظهر فهو بذلك أجدر وإن كان النهار كذلك في طلب التعوذ (فتعوذوا بالله) ندبا (من الشيطان فإنهن يرين) من الجن والشياطين (ما لا ترون) أنتم يا بني آدم فإنهم مخصوصون بذلك دونكم (وأقلوا الخروج) من منازلكم (إذا هدأت) بالتحريك سكنت ففي القاموس هدأ كمنع: سكن (الرجل) بكسر فسكون أي سكن الخلق عن المشي بأرجلهم في الطرق (فإن الله عز وجل يبث) يفرق وينشر (في ليله من خلقه ما
(٤٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة