فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٧٨
ذكر في سبب الحديث عند مخرجه الطبراني وكذا ابن عدي وغيره أن عائشة قالت كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يصلي في الموضع الذي يبول فيه الحسن والحسين فقلت ألا تخص لك مكانا من الحجرة أنظف من هذا؟
فقال يا حميراء ما علمت أن العبد إذا سجد فذكره بتمامه، وقولها أنظف يدل على أن المراد الطهارة اللغوية وهي النظافة فالمراد أن تلك البقعة وإن كانت مستقذرة فالشرف الحاصل لها بالسجود يجبر ذلك الاستقذار والله أعلم بحقيقة الحال وفيه أن الأرضين سبعة كالسماوات (طس) وكذا ابن عدي والديلمي والحاكم (عن عائشة) قال الحافظ الهيتمي وغيره فيه بزيغ متهم بالوضع وقال ابن الجوزي موضوع وفي الميزان يزيغ متهم قال ابن حبان يأتي عن الثقات بموضوعات كأنه المعتمد لها ثم ساق له هذا الحديث وجزم جمع آخرون بوضعه.
673 - (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير) أي لا يقع على ركبتيه كما يقع البعير عليهما حين يقعد (وليضع يديه) أي كفيه (قبل أن يضع ركبتيه) لأنه أحسن في الخضوع وأفخم في الوقار وبه أخذ مالك. وذهب الأئمة الثلاثة إلى عكسه تمسكا بفعل المصطفى صلى الله عليه وسلم له في حديث الترمذي عن وائل قال الخطابي: وهو أثبت من حديث تقديم اليدين وأرفق بالمصلي وأحسن شكلا بل قال ابن خزيمة أن حديث تقديم اليدين منسوخ بخبر سعد كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا بالركبتين قبل اليدين (د عن أبي هريرة) رمز المؤلف لصحته اغترارا بقول بعضهم سنده جيد وكأنه لم يطلع على قول ابن القيم وقع فيه وهم من بعض الرواة وأوله يخالف آخره فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير إذ هو يضع ركبتيه أولا وزعم أن ركبتي البعير في يديه لا في رجليه لا يعقل لغة ولا عرفا على أن الحديث معلول بيحيى بن سلمة بن كهيل ولا يحتج به قال النسائي متروك وابن حبان منكر جدا وأعله البخاري والترمذي والدارقطني بمحمد بن عبد الله بن حسن وغيره.
674 - (إذا سجد أحدكم فليباشر بكفيه) أي بباطنهما (لأرض) فيضعهما والأولى كونهما مكشوفتين على مصلاه (عسى الله تعالى) هي من المخلوق للترجي ومن الله واجب وأتى بها ترغيبا فيما ذكر (أن يفك) أي يخلص ويفصل ورأيت في معجم الطبراني بدله يكف والفك أنسب (عنه الغل) بالضم الطوق من حديد يجعل في العنق واليدين (يوم القيامة) أي من فعل ذلك يرجى أن يغفر الله له ما فرط من الذنوب الموجبة لجعل الغل في عنقه يوم القيامة لأنه لما أطلق يديه وبسطهما في السجود جوزي بإطلاقهما يوم المعاد جزاءا وفاقا والمباشرة الإفضاء بالبشرة، والفك التخليص والإطلاق والإزالة ونبه بذلك على وجوب وضع جزء من بطن الكف في السجود وكذا يجب وضع شئ من الجبهة والركبتين وأصابع القدمين لقوله في الحديث الآتي أمرت أن أسجد على سبعة أعظم (طس عن أبي
(٤٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة