فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٩٠
يشاء) من إنس وجن وشياطين وهوام وغيرها، فمن أكثر الخروج حين ذاك لغير غرض شرعي أوشك أن يحصل له أذى لمخالفته للمشروع. قال الطيبي: وقوله ما يشاء مفعول لقوله يبث وهو عام في كل ذي شر ومن خلقه بيان مات (وأجيفوا الأبواب) أغلقوها (واذكروا اسم الله عليها فإن الشياطين لا تفتح بابا أجيف) أي أغلق (وذكر اسم الله عليه) يعني لم يؤذن لهم في ذلك من قبل مخالفتهم (وغطوا الجرار) جمع جرة وهو إناء الماء المعروف (وأوكثوا) بالقطع والوصل كما في القاموس وكذا ما بعده (القرب) جمع قربة وهو وعاء الماء (وأكفئوا الآنية) جمع إناء أي اقلبوها لئلا يدب عليها شئ أو تتنجس (حم خد د حب ك عن جابر) قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال البغوي حديث حسن.
699 - (إذا سمعتم) أيها المؤمنون الكاملون الإيمان الذي استضاءت قلوبهم من مشكاة النبوة (الحديث عني تعرفه قلوبكم) أي تقبله وتشهد بحسنه (وتلين له أشعاركم) جمع شعر (وأبشاركم) جمع بشرة (وترون) أي تعلمون (أنه منكم قريب) أي قريب إلى أفهامكم وأحكام دينكم ولا يأبى قواعد علومكم أيها المتشرعة (فأنا أولاكم به) أحق به في القبول المؤدي إلى العمل بمقتضاه لأن ما أفيض على قلبي من المعارف وأنوار اليقين أكثر من بقية الأنبياء فضلا عنكم (وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه بعيد منكم فأنا أبعدكم منه) لما ذكر ولذلك جزم أئمتنا الشافعية بأن كل حديث أوهم باطلا ولم يقبل التأويل فمكذوب عليه لعصمته أو نقص منه من جهة رواية ما يزيل الوهم الحاصل بالنقص منه وذلك أن الله بعث رسله إلى خلقه لبيان الأمور ومعرفة التدبير وكيف وكم، وكنه الأمور عنده مكنون، فأفشى منه إلى الرسل ما لا يحتمله عقول غيرهم ثم منهم إلى العلماء على قدر طاقتهم ثم إلى العامة على قدر حالهم فالعلم بحر يجري منه واد ثم من الوادي نهر ثم من النهر جدول فساقية فلو جرى إلى ذلك الجدول لغرقه ولو مال البحر على الوادي لأفسده فمن تكلم بشئ من الهدى فالرسول سابق له وإن لم يتكلم بذلك اللفظ فقد أتى بأمثلة مجملة فلهذا كان أولى فإذا كان الكلام غير منكر عند العلماء العاملين فهو قول الرسول وإذا كان منكرا عندهم فليس قوله وإن روى عنه فلخطأ أو سهو من بعض الجهلة أو وضع من بعض الزنادقة أو الجهلة وذلك لأنه إذا وقع ذكر الحق على القلب التقى نوره ونور اليقين فامتزجا واطمأن القلب فيعلم أنه حق وإذا وقع عليه باطل لاقت ظلمته القلب المشرق بنور اليقين فينفر النور ولم يمتزج معه فاضطرب القلب
(٤٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة