وجاش. ففرق ما بين كلام النبوة وكلام غيرهم لائح واضح عند العلماء بالله وبأحكامه العاملين عليها. وأخرج ابن سعد عن الربيع ابن خيثم قال: إن من الحديث حديثا له ضوء كضوء النهار تعرفه وإن منه حديثا له ظلمة كظلمة الليل تنكره أما المخلط المكب على شهوات الدنيا المحجوب عن الله بالظلمات والكدورات فأجنبي من هذا المقام.
(تنبيه) أفاد الخبر أن بعض المنسوب إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم من المقطوع بكذبه وعلى ذلك جرى صحبنا في الأصول فقالوا: وما فتش عنه من الحديث ولم يوجد عند أهله من المقطوع بكذبه لقضاء العادة بكذب ناقله وقيل لا يقطع بكذبه لتجوز العقل صدق ناقله. - (حم ع) وكذا البزار (عن أبي أسيد بضم الهمزة بضبط المؤلف كذا وقفت عليه في مسودته والصواب خلافه ففي أسد الغابة أبو أسيد بفتح الهمزة وقيل بضمها قال والصواب الفتح قاله أبو عمر انتهى. وكان ينبغي للمؤلف تمييزه فإنه في الصحب متعدد منهم أبو أسيد بن ثابت الأنصاري وأبو أسيد الساعدي البدري وهو المراد أو أبي حميد) شك الراوي قال الهيتمي رجاله رجال الصحيح انتهى وزعم أنه معلول خطأ فاحش ورواه الحكيم عن أبي هريرة بلفظ إذا حدثتم قلته أو لم أقله فصدقوا به فإني أقول بحديث تنكرونه ولا تعرفونه فكذبوا به فإني لا أقول ما ينكر ولا يعرف قال الحكيم فمن تكلم بشئ بعد الرسول من الحر فالرسول سابق إلى ذلك القول وإن لم يكن تكلم لأنه جاء بالأصل والأصل مقدم على الفرع فجاء بالأصل وتكلم من بعده بالفرع قال وهذا في الكامل أما المخلط المكب على الشهوات المحجوب عن الله فليس هو المعني بهذا الحديث لأن صدره مظلم فكيف يعرف الحق فالمخاطب من كان طاهر القلب عارفا بالله حق معرفته الذي تزول بدعائه الجبال.
700 - (إذا سمعتم بالطاعون) فاعول، قال في النهاية وهو المرض العام والوباء الذي يفسد به الهوى فتفسد به الأمزجة (بأرض) أي بلغكم وقوعه ببلد ومحلة. قال الطيبي: الباء الأولى زائدة على تضمن سمعتم معنى أخبرتم وبأرض حال (فلا تدخلوا عليه) أي يحرم عليكم ذلك لأن الإقدام عليه تهور وجرأة على خطر وإيقاع النفس في معرض التهلكة والعقل يمنعه والشرع يأباه قال القاضي: وفيه النهي عن استقبال البلاء لما ذكر (وإذا وقع وأنتم بأرض) أي والحال أنكم فيها (فلا تخرجوا منها فرارا) أي بقصد الفرار منه يعني يحرم عليكم ذلك لأنه فرار من القدر وهو لا ينفع والثبات تسليم لما لم يسبق منه اختيار فيه ولتظهر مزية هذه الأمة على من تقدمهم من الأمم الفارين منه بما يكون من قوة توكلهم وثبات عزمهم كما أظهر الله مزيتهم بما آتاهم من فضله ورحمته التي ينور بها قلوبهم فزعم أن النهي تعبدي قصور قال التاج السبكي مذهبنا وهو الذي عليه الأكثر أن النهي عن الفرار للتحريم أما لو لم يقصد الفرار كأن خرج لحاجة فصادف وقوعه فلا يحرم وكذا لو خرج لحاجة وله على ما بحثه بعض الشافعية واستدل البخاري به على بطلان الحيل قالوا: وهو من دقة فهمه فإنه إذا نهى عن الفرار من قدر