فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٨٤
واجباتها ومكملاتها والأول أقرب (سلمت الأيام) أي أيام الأسبوع من المؤاخذة (وإذا سلم رمضان) كذلك (سلمت السنة) كلها من المؤاخذة، فالكف عن المنهيات، والإتيان بالطاعات في جميع يوم الجمعة مكفر لما يقع في ذلك الأسبوع من المخالفات والإمساك عن المنهيات، والإكباب على الطاعات في جميع رمضان متكفل بما يكون في تلك السنة من الذنوب وذلك لأنه سبحانه جعل لأهل كل ملة يوما يتفرغون فيه لعبادته ويتخلون عن الشغل الدنيوي فيوم الجمعة يوم عبادة هذه الأمة وهو في الأيام كرمضان في الشهور وساعة الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان فلهذا من صح وسلم له يوم الجمعة سلمت له أيام أسبوعه كلها ومن صح وسلم له رمضان صحت له سائر سنته ومن صح له حجة سلم له عمره فيوم الجمعة ميزان الأسبوع ورمضان ميزان العام والحج ميزان العمر ومن لم يسلم له يوم الجمعة أو رمضان فقد باء بعظيم الخسران ويظهر أن المراد تكفير الصغائر فقط (قط في الأفراد) عن أبي محمد بن صاعد عن إبراهيم الجوهري عن عبد العزيز ابن أبان عن الثوري عن هشام عن أبيه عن عائشة قال ابن الجوزي: تفرد به عبد العزيز وهو كذاب فهو موضوع (حل عن عائشة) وقال تفرد به إبراهيم الجوهري عن أبي خالد القرشي (هب من طريق آخر) ثم قال في كلا الطريقين لا يصح وإنما يعرف من حديث عبد العزيز عن سفيان وهو ضعيف بمرة وهو عن النووي باطل لا أصل له ولما أورده ابن الجوزي في الموضوع تعقبه المؤلف بوروده من طرق ولا تخلو كلها عن كذاب أو متهم بالوضع.
686 - (إذا سمع أحدكم النداء) أي الأذان للصبح وهو يريد الصوم (والإناء) مبتدأ (على يده) خبره (فلا يضعه) نهي أو نفي بمعناه (حتى يقضي حاجته) بأن يشرب منه كفايته ما لم يتحقق طلوع الفجر أو يظنه يقرب منه وما ذكر من أن المراد به أذان الصبح هو ما جزم به الرافعي فقال: أراد أذان بلال الأول بدليل إن بلالا يؤذن بلبل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم وقيل المراد أذان المغرب فإذا سمعه الصائم والإناء في يده فلا يضعه بل يفطر فورا محافظة على تعجيل الفطر وعليه قال الطيبي: دليل الخطاب في أحدكم يشعر بأنه لا يفطر إذا لم يكن الإناء في يده ويأتي أن تعجيل الفطر مسنون مطلقا لكن هذا مفهوم لقب فلا يعمل به (حم د ك عن أبي هريرة) قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي لكن قال في المنار مشكوك في رفعه.
687 - (إذا سمعت الرجل) يعني الإنسان (يقول هلك الناس) ودلت حاله على أنه يقول ذلك إعجابا بنفسه وتيها بعلمه أو عبادته واستصغارا لشأن الناس وازدراءا لما هو عليه (فهو أهلكهم) بضم الكاف أشدهم هلاكا وأحقهم بالهلاك أو أقربهم إليه لذمه الناس وذكره عيوبهم وتكبره وبفتحها فعل ماض أي فهو جعلهم هالكين إلا أنهم هلكوا حقيقة أو فهو أهلكهم لكونه أقنطهم عن رحمة الله
(٤٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة