فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٨٧
فإن مفهوم الكلام الأول يصدق بالوجه الذي اختلفت فيه الحقيقتان ذكره العراقي (مالك) في الموطأ (حم ق 4 عن أبي سعيد) الخدري.
692 - (إذا سمعتم النداء) إلى الصلاة (فقوموا) إلى الصلاة واسعوا إليها (فإنها عزمة من الله) عز وجل أي أمر الله الذي أمرك أن تأتي به: والعزم هو الجد في الأمر ويحتمل أن المراد بالنداء هنا الإقامة أي إذا سمعتم المؤذن يقول قد قامت الصلاة فقوموا (حل عن عثمان) بن عفان وفيه أحمد بن يعقوب الترمذي أورده في اللسان عن ذيل الميزان وقال الدارقطني في العلل لا أعرفه ويشبه كونه ضعيفا والوليد بن سلمة قال الذهبي كذبه دحيم وغيره.
693 - (إذا سمعتم الرعد) أي الصوت الذي يسمع من السحاب قال القاضي كالزمخشري من الارتعاد قال التفتازاني أي أن الرعد من الارتعاد كما أن البرق من البريق ولو قال من الرعدة كان أنسب وقال الطيبي: لم يرد أن أصله منه لأن أصله من الرعدة بل أراد أن فيه معنى الاضطراب والحركة (فاذكروا الله) بأن تقولوا سبحان من يسبح الرعد بحمده أو نحو ذلك من المأثور أو ما في معناه (فإنه) أي الرعد يعني ما ينشأ عنه من المخاوف (لا يصيب) يعني لا يضر (ذاكرا) لله فإن ذكره حص حصين مما يخاف ويحذر بحيث لا يبالي معه بسطوة مخلوق ومن أسرقت أنوار الذكر على قلبه هابه كل مخلوق وخضع له كل مهول ولو أراد قود الجبال فضلا عن الرعد لانقادت له قال القاضي كالزمخشري والمشهور أن سببه أي الرعد اضطراب أجرام السحاب واصطكاكها كما إذا جذبتها الريح فتصوت عند ذلك وفي القاموس الرعد صوت السحاب أو الملك الذي يسوقه (طب عن ابن عباس) قال ابن حجر فيه ضعف وقال الهيتمي فيه يحيى بن كثير أبو النصر وهو ضعيف.
694 - (إذا سمعتم الرعد فسبحوا) أي قولوا سبحان الله وبحمده ونحو ذلك كما تقرر ويظهر أنه لا يقوم مقام التسبيح نحوه كما لا يقوم غير التكبير مقامه في الحريق وقوفا مع الوارد وللشرع أسرار يختص بعلمها (ولا تكبروا) أي الأولى إيثار التسبيح والحمد هنا لأنه الأنسب الراجي المطر وحصول الغيث وفي خبر ما يفيد أن التسبيح إنما يطلب حال عدم اشتداده فإن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتد الرعد قال " اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك " قال الراغب: أصل التسبيح من السبح وهو سرعة الذهاب في الماء ثم استعير لجري النجوم (د في مراسيله عن عبيد الله بن أبي جعفر) البصري أبي بكر الفقيه مولى بني كنانة قيل اسم أبيه يساف بتحتية فمهملة تابعي ثقة ونقل عن أحمد أنه لينه كان فقيها عابدا أخرج له الجماعة.
(٤٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة